حيث أن حجيتهما لا ريب فيها لحصول القطع بصدور السنة بهما وينحصر بحثنا هنا في الخبر الذي لا يفيد القطع سواء كان خبرا واحدا أو مشهورا ، والكلام تارة عن إمكان التعبد به وقد خالف فيه ابن قبة وبعض العامة وبطلانه واضح بعد ما سيظهر لك وقوع التعبد به فإن الوقوع أدل دليل على إمكان الوقوع وإلا لما وقع.
وتارة في وقوع التعبد به شرعا وإنه حجة شرعية وهو محط البحث هنا ، ثم أن البحث في حجيته ووقوع التعبد به شرعا تارة يكون من حيث وقوع التعبد به من باب حجية مطلق الظن في باب الاحكام الشرعية لدليل الانسداد أو غيره فلا يكون خبر الواحد على هذا حجة بنفسه بل من باب إفادته الظن ويكون حاله حال سائر ما يفيد الظن والبحث في ذلك سيجيء إنشاء الله في مبحث حجية مطلق الظن في باب الاحكام الشرعية.
وتارة يكون من حيث وقوع التعبد به بخصوصه مع الغض عن حجية مطلق الظن بحيث يتكلم في حجيته حتى لو كان مطلق الظن ليس بحجة وهذا هو محط النظر في هذا المقام وهو المخصوص بالكلام والفقهاء في ذلك على طوائف.
فمنهم من أنكر حجيته مطلقا وقال أن الخبر الغير الموجب لقطعية صدور السنة من المعصوم ليس بحجة وإنما الحجة ما أفاد القطع كالمتواتر والخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للقطع ، ونسب هذا القول لبعض الفقهاء الشيعة كالمرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن إدريس والطبرسي وربما ينسب للشيخ المفيد وابن بابويه والمحقق ، وعن الوافية أنه لم يجد القول بالحجية صريحا ممن تقدم على العلامة وعن ابن الحاجب نسبة المنع عن العمل بخبر الواحد للرافضة وهو عجيب.