سلّمنا أنّه كبيرة فجاز أن يقال : إنّما يلزم هذه الأمور لو حصل في المسائل طريق مقطوع به. أمّا إذا كثرت وجوه الشبه وتزاحمت جهات التأويلات والترجيحات ، صار ذلك سببا للعذر وسقوط الذم.
سلّمنا صحّة دليلكم ، لكنّه معارض بما روي عن الصحابة من التصريح بالتخطئة.
ولأنّ الصحابة اختلفوا قبل العقد لأبي بكر فقالت الأنصار : «منّا أمير ومنكم أمير» (١) وكانوا مخطئين لمخالفتهم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الأئمة من قريش» (٢) ولم يلزم من ذلك الخطأ البراءة والفسق ، فكذا هنا.
ولأنّهم اختلفوا في مانع الزكاة هل يقاتل؟ وقضى عمر في الحامل المعترفة بالزنا بالرجم ، وكان ذلك على خلاف النص.
ويمنع كون الاختلاف في الدماء والفروج كبيرا ، فإنّه لمّا لم يمتنع كون الأقوال المختلفة صوابا على مذهبك ، جاز أن يكون الخطأ فيها صغيرا.
ويمنع تساوي مباشرة القتل والغصب والتمكن منهما بالفتوى الباطلة ، ولم لا يجوز أن يكون تمسّكه في ذلك بما يشبه الدليل سببا لسقوط العقاب والتفسيق؟
__________________
(١) راجع السيرة النبوية لابن هشام : ٤ / ١٠٧٤.
(٢) مسند أحمد : ٣ / ١٢٩ وج ٤ / ٤٢١ ؛ مستدرك الحاكم : ٤ / ٧٦ ؛ سنن البيهقي : ٣ / ١٢١ وج ٨ / ١٤١ ؛ مجمع الزوائد : ٥ / ١٩٢ ؛ نهج البلاغة : ٢ / ٢٧ ؛ بصائر الدرجات : ٥٣ ؛ الكافي : ٨ / ٣٤٣ ؛ بحار الأنوار : ١٨ / ١٣٣ وج ٢٤ / ١٥٧ ح ١٧ وج ٢٥ / ١٠٤ ، باب الأئمة من قريش وج ٢٨ / ١٧١ و ٢٦١ و ٣٨٠. وقد وردت العبارة ضمن أحاديث مختلفة الألفاظ.