البحث السّابع : في أنّه لا يجوز أن يقول الله تعالى للنبي أو العالم : احكم بمهما شئت فإنّما تحكم بالصواب
اختلف الناس في جواز تفويض الله تعالى إلى المكلّف أن يحرم ويوجب ويبيح باختياره بأن يقال له : احكم بما رأيت أو بما شئت فإنّك لا تحكم إلّا بالصواب.
فجزم بجوازه مطلقا مويس (١) بن عمران.
وقال أبو علي الجبائي : يجوز أن يقال ذلك للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دون غيره.
وتوقّف الشافعي في امتناعه وجوازه (٢) ، وجمهور المعتزلة على الامتناع. (٣)
والسيد المرتضى وإن جزم في صدر كلامه بالمنع وأنّه لا بدّ في كلّ حكم من دليل لا يرجع إلى اختيار الفاعل والعلم بأنّه لا يختار إلّا الصواب غير كاف في هذا الباب ، إلّا أنّه في أثناء دلالته يشعر باختيار ذلك في الحكم الواحد لا في الأحكام المتعدّدة. (٤)
__________________
(١) في النسخ الّتي بأيدينا موسى ويونس بن عمران ، وما أثبتناه من كتب الرجال والأصول كالذريعة وعدة الأصول والمحصول وإكمال الكمال.
وهو مويس بفتح الواو وبعدها ياء ساكنة ، أحد المتكلّمين ، ذكره الجاحظ وروى عنه حكايات. إكمال الكمال : ٧ / ٣٠٠.
(٢) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٦.
(٣) راجع المحصول : ٢ / ٥٦٦ ؛ الإحكام : ٤ / ٢١٥.
(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ١٧٤.