البحث الثالث : في محلّه
الترجيح لا يجري في الأمور اليقينية لوجوه (١) :
الأوّل : الدليل اليقيني إنّما يحصل لو كانت مقدّماته ضرورية ، أو لازمة عنها لزوما ضروريا ، إمّا ابتداء أو بواسطة شأنها ذلك ، إمّا واحدة أو متعدّدة. وهذا إنّما يصحّ عند اجتماع علوم أربعة :
أ. العلم ضروري بحقيقة تلك المقدّمات إمّا ابتداء ، أو بواسطة شأنها ذلك.
ب. العلم الضروري بصحّة تركيبها.
ج. العلم الضروري بلزوم النتيجة عنها.
د. العلم الضروري بأنّ ما لزم عن الضروري لزوما ضروريا فهو ضروري. وهذه العلوم الأربعة يستحيل حصولها في النقيضين معا ، وإلّا لزم القدح في الضروريات ، وإذا استحال ثبوتها انتفى التعارض.
الثاني : الترجيح هو التقوية ، واليقين لا يقبل التقوية ، لأنّه إن قارنه احتمال النقيض ولو على وجه ما ، كان ظنا لا علما ، وإن لم يقارنه لم يقبل التقوية.
اعترض بجواز كون أحد النقيضين (٢) راجحا.
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٥ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(٢) في «أ» و «ب» : اليقينين.