العلم بالملاك غير الاجتهاد
قد تحدثنا آنفا عن الاجتهاد ، وعرفت أنّه عبارة عن استخراج الحكم من الكتاب والسنّة وهو قد يخطئ وقد يصيب ، وليس الحكم المستخرج مصيبا للواقع على الإطلاق.
نعم هناك أمر آخر يعدّ كرامة اختصّ الله تعالى بها نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو انّه أدّب رسوله فأحسن تأديبه ، وعلّمه مصالح الأحكام ومفاسدها ، وأوقفه على ملاكاتها ومناطاتها ، ولمّا كانت الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد كامنة في متعلّقاتها وقد أطلع الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عليها مع اختلاف درجاتها ومراتبها ، لا يكون الاهتداء إلى أحكامه سبحانه عن طريق الوقوف على عللها ، بأقصر من الطرق التي وقف بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على حلاله وحرامه. وإلى هذا يشير الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله :
«وعقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل». (١)
فما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من التشريع ، فإنّما هو تشريع بالعلم بالملاك ، وبإذن خاص منه سبحانه ، وقد ورد في السنّة الشريفة :
١. إنّ الله فرض الصلاة ركعتين ركعتين ، ليكون المجموع عشر ركعات ، فأضاف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الركعتين ركعتين ، وإلى المغرب ركعة.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة رقم ٢٣٤.