٣. وقد طرق هذا البحث أيضا الأستاذ مصطفى أحمد الزرقا في كتابه القيّم «المدخل الفقهي العام» وقال ما نصّه :
الحقيقة انّ الأحكام الشرعية التي تتبدّل بتبدّل الموضوعات مهما تغيرت باختلاف الزمن ، فإنّ المبدأ الشرعي فيها واحد وليس تبدّل الأحكام إلّا تبدّل الوسائل والأساليب الموصلة إلى غاية الشارع ، فإنّ تلك الوسائل والأساليب في الغالب لم تحدّد من الشريعة الإسلامية بل تركتها مطلقة لكي يختار منها في كلّ زمان ما هو أصلح في التنظيم نتاجا وأنجح في التقويم علاجا.
ثمّ إنّ الأستاذ جعل المنشأ لتغير الأحكام أحد أمرين :
أ. فساد الأخلاق ، وفقدان الورع وضعف الوازع ، وأسماه بفساد الزمان.
ب. حدوث أوضاع تنظيمية ، ووسائل فرضية ، وأساليب اقتصادية.
ثمّ إنّه مثّل لكل من النوعين بأمثلة مختلفة اقتبس بعضها من رسالة «نشر العرف» للشيخ ابن عابدين ، ولكنّه صاغ الأمثلة في ثوب جديد ، ولنذكر كلا الأمرين وأمثلتهما.
أ. تغيير الأحكام الاجتهادية لفساد الزمان
١. من المقرر في أصل المذهب الحنفي انّ المدين تنفذ تصرفاته في أمواله بالهبة والوقف وسائر وجوه التبرّع ، ولو كانت ديونه مستغرقة أمواله كلّها ، باعتبار انّ الديون تتعلّق بذمّته فتبقى أعيان أمواله حرة ، فينفذ