فيها تصرّفه ، وهذا مقتضى القواعد القياسية.
ثمّ لما فسدت ذمم الناس وكثر الطمع وقلّ الورع وأصبح المدينون يعمدون إلى تهريب أموالهم من وجه الدائنين عن طريق وقفها ، أو هبتها لمن يثقون به من قريب أو صديق ، أفتى المتأخرون من فقهاء المذهبين الحنبلي والحنفي بعدم نفاذ هذه التصرفات من المدين إلّا فيما يزيد عن وفاء الدين من أمواله (١).
هذا في الفقه السنّي ، وأمّا في الفقه الإمامي فليس ثمة مشكلة تقتضي التوسل بعنصر الزمان ، والالتزام بتغيّر الأحكام في ظلّه ، لأنّ للمحجور حالتين :
الأولى : إذا حجر عليه الحاكم وحكم بإفلاسه فعند ذاك يتعلّق حقّ الغرماء بأمواله لا بذمّته ، نظير تعلّق حقّ المرتهن بالعين المرهونة فلا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع والإجارة ، وبغير عوض كالوقف والهبة إلّا بإذنهم وإجازتهم.
الثانية : إذا لم يحجر عليه فتصرفاته على قسمين : قسم لا يريد به الفرار من أداء الديون ولا يلازم حرمان الديّان ، فيجوز له التصرّف بأمواله كيفما شاء ، وقسم آخر (كالصلح أو الهبة) يريد به الفرار من أداء الديون ، فالحكم بصحة تصرفاته ـ فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب ونحوه ـ مشكل. (٢)
__________________
(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٦ ، برقم ٥٤٣.
(٢) لاحظ وسيلة النجاة : ١٣٣ ، كتاب الحجر ، المسألة الأولى ؛ تحرير الوسيلة : ٢ / ١٦.