الثاني : أن يقتضي كلّ واحد منهما أحكاما فيعمل بكلّ منهما في حقّ بعض الأحكام.
الثالث : العامّان المتعارضان يعمل بكلّ منهما في بعض الصور ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ألا أنبّئكم بخير الشهود؟» ، قيل : نعم يا رسول الله ، قال : «أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد». (١)
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد» (٢). فيعمل بالأوّل في حقوقه تعالى ، وبالثاني في حقوق عباده.
البحث السادس : في تقسيم الأدلّة المتعارضة
إذا تعارض الدليلان فإمّا أن يكونا عامّين على الإطلاق ، أو خاصّين ، أو يكون أحدهما عاما والآخر خاصا ، أو يكون كلّا منهما أعمّ من الآخر من وجه وأخصّ من وجه. فالأقسام أربعة. (٣)
وعلى هذه التقادير الأربعة فإمّا أن يكونا معلومين ، أو مظنونين ، أو بالتفريق.
وعلى التقادير كلّها إمّا أن يكون المتقدّم معلوما أو المتأخّر ، أو لا يكون واحد منهما معلوما.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٥ / ١٣٣ ، باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٦٣ برقم ٣٥٩٦ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٣٧٣ برقم ٢٣٩٧ ؛ مسند أحمد : ٥ / ١٩٣ ؛ كنز العمال : ٧ / ١٢ برقم ١٧٧٣٠.
(٢) مجمع الزوائد : ٥ / ٢٢٥ ؛ المعجم الأوسط : ٧ / ١٩٣.
(٣) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٠ ـ ٤٥٣.