واعلم أنّ الترجيح في الأقيسة إمّا أن يكون بحسب ماهية العلّة ، أو بحسب ما يدلّ على وجودها ، أو بحسب ما يدلّ على علّتها ، أو بحسب ما يدلّ على ثبوت الحكم في الأصل ، أو بحسب ماهية ذلك الحكم ، أو بحسب محلّ ذلك الحكم ، أو بحسب محالّ العلّة ، أو بحسب أمور خارجة. فهنا مباحث :
[البحث] الأوّل : في التراجيح المعتبرة بحسب ماهيّة العلّة
اعلم أنّ العلّة إمّا أن تكون وصفا حقيقيا ، أو حكمة ، أو حاجة ، أو وصفا عدميا ، أو إضافيا ، أو تقديريا ، أو حكما شرعيا. وعلى كلّ تقدير فإمّا أن تكون مفردة ، أو مركبة من أمرين ، أو أزيد. وقد تقدّم البحث في ذلك كلّه. واعتمد بعضهم في الترجيح على أمرين :
أحدهما : أن يكون أحدهما أشبه بالعلل العقلية فإنّه راجح على ضده ، لأنّ العقل أصل للنقل ، والفرع كلّما كان أشبه بالأصل كان أقوى.
ثانيهما : المتّفق عليه أولى من المختلف فيه ، لأنّ المتّفق عليه تكون المقدّمة فيه يقينية ، ولا شك في أنّ القياس الّذي يكون بعض مقدّماته يقينيا وبعضها ظنيا أقوى من الّذي يكون جميع مقدّماته ظنّيا ، لأنّ الاحتمال في الأوّل أقل فيكون الطريق أقوى.
وفيه نظر ، لأنّه إنّما يكون أقوى لو كانت النسبة بين الظنّين محفوظة ، أمّا على تقدير زيادة ظن ما تكون مقدّماته ظنّية على ظنّ المقدّمة الظنّية من