البحث الخامس : في فصل التنازع بين المجتهدين المختلفين
اعلم أنّ القائلين بأنّ المصيب واحد أوردوا على المصوبة إشكالا ، وهو أنّ تصويب الكلّ يفضي إلى التنازع بحيث لا يمكن حمله كما قلنا في الزوج لو قال لامرأته : «أنت بائن» وكانا مجتهدين ، ثمّ راجعها وكان شافعيا يرى الرجعة والمرأة حنفية ترى أنّ الكنايات بوائن ؛ فهاهنا يتمكّن الزوج شرعا من مطالبتها بالوطء والمرأة مأمورة بالامتناع ، ولا يمكن قطع هذه المنازعة.
قال المصوّبون : هذا الإشكال وارد عليكم أيضا فإنّ المحقّقين ساعدوا على أنّه يجب على المجتهد العمل بموجب ظنّه إذا لم يعلم كونه مخطئا ، فهو وارد عليكم أيضا.
وطريق التخلّص أن يقول : الحادثة إن نزلت بمجتهد واختصّت به ، عمل على ما يؤدّيه اجتهاده إليه ، فإن تساوت الأمارات فيها تخيّر بينها ، أو يعاود الاجتهاد إلى أن يظهر الرجحان. وإن تعلّقت بغيره فإن كان يجري فيها الصلح كالأموال ، اصطلحا فيه أو رجعا إلى حاكم يفصل بينهما إن وجد ؛ وإن لم يوجد رضيا بمن يحكم بينهما ، فإذا حكم لزمهما ولم يجز الرجوع عنه.
وإن لم يجز فيه الصلح كالمسألة المفروضة ، رجعا إلى من يفصل بينهما ، سواء كان صاحب الحادثة مجتهدا أو حاكما أو لم يكن ،