استيفاء تلك المصلحة ؛ وإن لم يجب ـ كما هو رأي الأشاعرة ـ جاز أن ينص على غيره ، فيبطل القول بأنّه لو نصّ على الحكم لما نصّ إلّا عليه.
وإن لم يكن مصلحة ولا مفسدة فهو إنّما يتمشّى على رأي الأشاعرة الذين نفوا وجوب رعاية المصلحة في الأحكام ، وكلّ من قال بذلك قال : إنّه لا يتعيّن عليه أن يحكم على وجه معين ، بل له الحكم كيف شاء فيمتنع القول بالأشبه.
احتجّ القائلون به بوجهين (١) :
الأوّل : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر واحد» صرّح بالتخطئة وليست لأجل مخالفة حكم واقع ، لأنّا دللنا على أنّه لا حكم ، فيكون لأجل حكم مقدّر وهو الأشبه.
الثاني : المجتهد طالب ، فلا بدّ له من مطلوب ، ولمّا لم يكن المطلوب معيّنا وقوعا ، وجب أن يكون معيّنا تقديرا.
والجواب. أنّ ذلك الأشبه إن كان هو العمل بأقوى الأمارات فهو حقّ. وهو قولنا.
وإن كان غيره مع أنّه تعالى لم ينصّ عليه ، ولا أقام عليه دلالة ولا أمارة فكيف يكون مخطئا بالعدول عنه ، وكيف ينقص ثوابه إذا لم يظفر بما لم يكلّف بإصابته ، ولا سبيل له إلى إصابته.
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢١ ـ ٥٢٢.