البحث الثاني : في تكرر الاجتهاد
المجتهد إذا أدّاه اجتهاده إلى حكم ما وأفتى به ثمّ سئل ثانيا عن تلك المسألة هل يجب عليه الاجتهاد ثانيا ، أم لا؟
قال قوم : يجب تكرر الاجتهاد ، لاحتمال أن يتغيّر اجتهاده ويطّلع على ما لم يطّلع عليه أوّلا.
وقال قوم : لا يجب ، لأنّه فعل الواجب وخرج عن عهدة التكليف بالاجتهاد ، والأمر لا يقتضي التكرار ، والأصل عدم اطّلاعه على ما لم يطّلع عليه أوّلا.
وقال آخرون بالتفصيل ، وهو انّه إن كان ذاكرا للطريق الأوّل فهو مجتهد ويجوز له الإفتاء ، كما لو اجتهد في الحال. وإن نسيه لزم أن يستأنف الاجتهاد ، لأنّه في حكم من لم يجتهد.
وفيه نظر ، لأنّ غير المجتهد لا يظن الحكم وهذا ظان له ، فيجب عليه العمل بما ظنّه ؛ ولأنّ تجويز الاطّلاع ثانيا على ما لم يطّلع عليه أوّلا لو منع من العمل بما أدّاه اجتهاده مع الذكر أو النسيان ، لم يستقر العمل بالاجتهاد إلّا مع إفادة اليقين بوجود المانع.
على كلّ تقدير إذا عرفت هذا فلو اجتهد لم يمنع منه إجماعا ، فإن أدّاه اجتهاده الثاني إلى خلاف فتواه في الأوّل رجع عن الأوّل وأفتى بالثاني ، ويعرّف المستفتي أوّلا برجوعه عن ذلك القول ، لأنّ المستفتي إنّما يعوّل