المطلب الرابع : في حكم الاجتهاد
وفيه مباحث :
الأوّل : في حكم المجتهدين في الأصول
خالف الجاحظ وأبو عبيد الله بن الحسن العنبري (١) سائر المسلمين في ذلك فذهبا إلى أنّ كلّ مجتهد في الأصول مصيب ، سواء أخطا أو لا ، ولم يريدا بذلك مطابقة الاعتقاد للمعتقد للعلم الضروري بفساده ، بل نفي الإثم والخروج عن عهدة التكليف. وباقي العلماء على فساده وانّه إثم لوجوه (٢) :
الأوّل : الله تعالى نصب الأدلّة القاطعة على هذه المطالب ومكّن العقلاء من معرفتها ، فوجب أن لا يخرجوا عن العهدة إلّا بالعلم.
الثاني : يعلم بالضرورة أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر اليهود والنصارى بالإيمان ، وذمهم على إصرارهم على عقائدهم ، وقاتل بعضهم ، وكان يكشف عمّن بلغ منهم
__________________
(١) هو عبيد الله بن الحسن بن حصين بن أبي الحر مالك بن الخشخاش بن جناب بن الحارث بن مخفر العنبري البصري القاضي ، روى عن : خالد الحذاء وداود بن أبي هند وسعيد الجريري. وروى عنه : إسماعيل بن سويد وخالد بن الحارث ، ورافع بن دحية المسلي. ولد سنة مائة ، وولي القضاء سنة سبع وخمسين ومائة ، وتوفّي في ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائة. تهذيب الكمال : ١٩ / ٢٣ برقم ٣٦٢٧.
(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٠٠ ـ ٥٠١.