ومنع منه آخرون ، لأنّه بالتزامه المذهب صار لازما له كما لو التزم مذهبه في حكم حادثة. وقيل : إنّ كلّ مسألة من مذهب الأوّل اتصل عمله بها فليس له تقليد الغير فيها ، وما لم يتّصل عمله بها فلا مانع له من اتّباع غيره فيها. هذا خلاف الجمهور.
أمّا الإمامية فلمّا كانت الإمامة عندهم ركنا في الدين وأصلا من أصوله ، لم يجز التقليد فيها وأوجبوا اتّباع أئمتهم ومن يدين بمقالتهم خاصة في كلّ الأحكام.
البحث الرابع : في محلّه
قد بيّنا أنّه يجوز التقليد في المسائل الفروعية الاجتهادية وبيّنا الخلاف فيه ، وأمّا المسائل الأصولية فالحقّ أنّه لا يجوز التقليد في مسائل أصول الدين ـ كوجود الصانع وما يجب له ويمتنع ، والنبوة ، والعدل وغيرها ـ للمجتهد ولا للعامي ، بل يجب على كلّ واحد منهما النظر والبحث خلافا لعبيد الله بن الحسن العنبري والحشوية والتعليمية حيث ذهبوا إلى جوازه ، بل ربّما ذهب بعضهم إلى وجوبه. (١)
لنا وجوه (٢) :
الأوّل : أنّ تحصيل العلم في أصول الدين قد كان واجبا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيكون واجبا علينا.
__________________
(١) راجع الإحكام : ٤ / ٢٢٩.
(٢) راجع الإحكام : ٤ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ؛ المحصول : ٢ / ٥٣٩.