أمّا الأولى فلقوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(١) وأمّا الثانية فلقوله : (وَاتَّبِعُوهُ)(٢) وغيرها من الأدلّة الدالّة على وجوب التأسّي.
لا يقال : نمنع إمكان إيجاب العلم بالله تعالى ، لأنّ المأمور إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره ، وحال ما يمتنع أن يكون عالما بأمره يمتنع كونه مأمورا من قبله ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق. وإن كان عالما به استحال أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الحاصل.
لأنّا نقول : قد بيّنا أنّ الحق أنّ وجوب المعرفة والنظر عقلي لا سمعي ودلالة السمعي للمطابقة والتوافق. (٣)
الثاني : القرآن دلّ على ذمّ التقليد في مواضع متعدّدة. خرج عنه التقليد في المسائل الفرعية لمشقّة الاجتهاد ، فينصرف ذمّ التقليد إلى مسائل الأصول.
الثالث : الإجماع على أنّه لا يجوز تقليد غير المحقّ ، وإنّما يعلم المحقّ من غيره بالنظر والاستدلال على أنّ ما يقوله حق وصواب ، فإذن لا يجوز له التقليد إلّا بعد الاستدلال ، وإذا صار مستدلّا امتنع كونه مقلّدا.
اعترض ، بالمعارضة بالتقليد في الأمور الشرعية ، فإنّه لا يجوز له تقليد المفتي إلّا إذا كان المفتي قد أفتاه بناء على الدّليل الشرعي ، فإن اكتفيت بالظن
__________________
(١) محمد : ١٩.
(٢) الأعراف : ١٥٨.
(٣) في «أ» و «ب» : التوفيق.