وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا قدّم المعلوم على المظنون إجماعا ، إلّا إذا كان المعلوم عامّا والمظنون خاصا ووردا معا ، كتخصيص الكتاب والسنّة المتواترة بخبر الواحد ، وقد تقدّم.
المطلب الثاني : في وجوه التراجيح
قد عرفت فيما تقدّم أنّ التعارض إنّما يقع في الأدلّة الظنّية إمّا من كلّ وجه كخبر الواحد العام ، أو من بعض الوجوه كالآيات العامّة وأخبار الآحاد الخاصّة. فإنّ الأوّل وإن كان قطعيا في متنه إلّا أنّ دلالته على موارده ظنّية ، والثاني بالعكس.
وإذا ثبت هذا فقد يقع التعارض بين الكتاب العزيز والسنّة المتواترة وبين غيرهما من الأدلّة الظنّية ؛ ولمّا كانت أنواع الأدلّة هي الكتاب والسنّة والإجماع والقياس عند بعضهم والاستدلال عند آخرين ، وجب النظر في الترجيح بينها ، فهاهنا أبواب :
[الباب] الأوّل : في الترجيح بين الأدلّة النقلية
وفيه مقدّمة ومباحث.
أمّا المقدّمة : فاعلم أنّ الأدلّة النقلية لمّا اشتملت على نقل هو السند ، ومنقول هو المتن ، ومنقول عنه وكان العائد إلى السند منه ما يعود إلى الراوي ، ومنه ما يعود إلى نفس الرواية. وما يعود إلى الراوي إمّا أن يعود إلى نفسه ، أو إلى تزكيته ، وجب النظر في ذلك كلّه.