وينزل القرآن بعد ذلك بغير ما كان قضى به ، فيترك ما كان قضى به على حاله ، ويستقبل ما نزل به القرآن ، والحكم بغير القرآن لا يكون إلّا بالاجتهاد.
وفيه نظر ، لاستلزامه التخطئة في الأحكام ، وهو محال عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أنّ الخبر مرسل فلا حجّة فيه. ونمنع أنّ الحكم بغير القرآن لا يكون إلّا بالاجتهاد ، بل يكون بالوحي ثمّ ينسخ بالقرآن ، وعلى هذا تحمل الرواية إن صحّت.
الثاني عشر : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي» (١) ولا يستقيم ذلك في ما كان بالوحي.
وفيه نظر ، لأنّ أفعال الحج لا بد وأن تكون بالوحي لعدم دلالة العقل على تفاصيلها. نعم لمّا بيّن له صلىاللهعليهوآلهوسلم الحج قارنا ، فبادر ثم أوحي إليه فضيلة التمتع وأنّه ليس للقارن ذلك ، تأسف على المبادرة إلى القران وفوات العمرة.
البحث الثالث : في عدم جواز الخطاء عليه
اختلف القائلون بجواز الاجتهاد له صلىاللهعليهوآلهوسلم في جواز الخطأ عليه في اجتهاده فالأكثر على المنع وجوزه الباقون بشرط أن لا يقرّ عليه وهذا البحث ساقط عنا من وجهين :
الأوّل : امتناع الخطأ عليه مطلقا ووجوب عصمته.
__________________
(١) سنن أبي داود : ١ / ٤٠١ برقم ١٧٨٤ ؛ سنن البيهقي : ٥ / ٦ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٤٥ برقم ٥٩ و ٢١٣ برقم ٦٧ وج ٢ / ٢٣٥ برقم ٣ ؛ بحار الأنوار : ٣٠ / ٦٣٢.