وفيه نظر ، لأنّا بيّنّا امتناع الخطأ عليه ، فإن كان عتابا له صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أصحابه ، فإنّما هو على ترك الأولى ، وهو راجع إلى مصالح الدنيا لا الأحكام الشرعية.
العاشر : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم في مكة : «لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها» فقال العباس : إلّا الإذخر قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إلّا الإذخر». (١) ومعلوم أنّ الوحي لم ينزل عليه في تلك الحال ، فكان الاستثناء بالاجتهاد.
وفيه نظر ، لأنّ الوحي إذا كان عامّا لم يجز الاستثناء إلّا لدليل ، ولو لم يكن بوحي لكان عن اجتهاد ويتعذّر ، بل يمتنع حصوله لو كان متعبّدا به في تلك الحال ، فإنّ سرعة الوحي أشدّ من سرعة الاجتهاد ، فالحكم بالتعذّر في الوحي يستلزم أولوية الحكم به في الاجتهاد.
لا يقال : إنّه مستند إلى اجتهاد سابق.
لأنّا نقول : فجاز استناده إلى وحي سابق ، ولأنّه ممتنع وإلّا لوجب عليه إظهاره إزالة للتلبيس باعتقاد العموم ، بل الحق انّه كان يريد الاستثناء فسبقه العباس.
الحادي عشر : روي الشعبي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقضي القضية
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٩٥ ، باب في الجنائز ؛ وص ٢١٣ ، باب لا يعضد شجر الحرم ؛ صحيح مسلم : ٤ / ١٠٩ ، باب تحريم مكة وصيدها ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١٠٣٨ ؛ سنن أبي داود : ١ / ٤٤٨ برقم ٢٠١٧ ؛ سنن النسائي : ٥ / ٢٠٣ ؛ مسند أحمد : ١ / ٢٥٣ و ٢٥٩ و ٣١٦ و ٣٤٨ ؛ الكافي : ٤ / ٢٢٦ ح ٣ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٢٤٦ برقم ٢٣١٦ ؛ وسائل الشيعة : ١٢ / ٥٥٧ ، ح ١ و ٤ ، باب تحريم صيد الحرم. وقد ورد الحديث باختلاف في الألفاظ.