التاسع : العلّة المفردة أولى من المركّبة ، لقلّة الاحتمال في المفردة وكثرته في المركّبة. فإنّ المفرد لو وجد لوجد بتمامه ، ولو عدم عدم بتمامه ؛ وأمّا المركّب إذا كان من قيدين يحتمل في جانب الوجود أمورا ثلاثة : أن يوجد هذا الجزء بدلا عن ذلك ، وبالعكس ، وأن يوجد المجموع. وكذا في طرف العدم والمركّب من قيود ثلاثة فيه احتمالات تسعة (١) في طرف الوجود وكذا في طرف العدم ، ولا شك أنّ ما قلّ الاحتمال فيه أولى.
البحث الثاني : في الترجيح العائد إلى ما يدلّ على وجود ذات العلّة
العلم بوجود ذات العلّة إمّا أن يكون بديهيا ، أو حسيا ، أو استدلاليا. والاستدلالي إمّا أن يفيد علما ، أو ظنا. وعلى التقديرين فذلك الدليل إمّا أن يكون عقليا محضا ، أو نقليا محضا ، أو مركّبا منهما. أمّا إذا كان الطريق يفيد اليقين فإنّه لا يقبل الترجيح ، سواء كان بديهيا أو حسيّا أو استدلاليا يقينيا ، وسواء كان عقليا محضا أو نقليا محضا أو مركبا ، وسواء كثرت مقدّماته أو قلّت ، خلافا لأبي الحسين (٢) ، لأنّ القطعيات لا تقبل الترجيح على ما سبق.
لا يقال : الضروري أولى من النظري ، لأنّ الضروري لا يقبل الشك والشبهة والنظري يقبلهما.
لأنّا نقول : كلّ من البديهي والكسبي واجب الحصول ، فالأوّل عقيب
__________________
(١) في المحصول : ٢ / ٤٧٣ : سبعة.
(٢) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧٤.