تصوّر طرفيه ، والثاني عقيب حصول مقدّمتيه ، وكما يزول النظري عند زوال بعض ما لا بد في حصوله منها كذا الضروري يزول عند زوال أحد تصوراته الّتي يتوقّف عليها ، فلا بد في وجوب الجزم من حصول موجباته في البابين. نعم النظري يتوقّف على أمور أكثر ممّا يتوقّف عليه الضروري ، فلا جرم كان زوال النظري أكثر من زوال الضروري. أمّا في جانب الوجود والعدم فلا فرق بينهما في وجوب الوجود وامتناع العدم عند حصول كلّ ما لا بدّ منه. فإذن لا فرق بين الضروري والنظري.
وفيه نظر ، إذ الحكم ترجيح العلّة المفردة في القياس على المركبة باعتبار قلّة شرط وجود الأولى ، وكثرة شرط الثانية تناقض عدم الترجيح هنا.
أمّا إذا كان الطريق الدالّ على وجود العلّة ظنيا ، فقد أطلق بعضهم القول فيه بقوة القياس المشتمل على مقدّمات أقل النتيجة لذلك الظن على ما اشتمل على مقدّمات أكثر ، لأنّ قلّة المقدّمات يستلزم قلّة احتمال الغلط ، وقلّة احتمال الغلط يستلزم قوة ظن الصواب وهذا على عمومه ليس بحق ، لقبول الظن الشدة والضعف ، فإذا كان ذو المقدّمات القليلة مشتملا على ظن ضعيف في كلّ مقدماته ، وكان ذو المقدّمات الكثيرة مشتملا على ظن قوي في كلّ مقدّماته ، حصل التعادل أو الترجيح للثاني على الأوّل ، إذ أحدهما أزيد في الكيفية والآخر في الكمية.
إذا ثبت هذا فالدليل الظنّي الدال على وجود العلّة إمّا أن يكون نصا ، أو إجماعا ، أو قياسا.