والقياس الكلام فيه كما في الأوّل ولا يتسلسل ، بل ينتهي إلى النصّ أو الإجماع.
وأمّا النصّ فقد تقدّم طريق الترجيح فيه.
وأمّا الإجماع فإن كانا قطعيّين أو أحدهما لم يقبل الترجيح ، لاستحالة تعارض الأدلة القطعية ، ووجوب العمل بالمعلوم دون المظنون. وأمّا إن كانا ظنيّين فإنّه يقع على وجهين (١) :
الأوّل : أن يكون أحدهما من الإجماعات المختلف فيها عند المجتهدين ، كالإجماع الحادث عن قول بعض وسكوت الباقين.
الثاني : الإجماع المنقول بالآحاد. فهذان في محلّ الترجيح. وأمّا ما يقال من أنّ أحدهما متّفق عليه والآخر مختلف فيه ، فإن أريد به عدم الاختلاف في أحدهما ووقوعه في الآخر فليس من الترجيح ، لأنّ تقديم المعلوم على المظنون قطعي. وإن عني قلّة الاختلاف في أحدهما وكثرته في الآخر ، منعنا وجوب الترجيح به.
وفيه نظر ، لأنّ الاختلاف مظنّة الخطاء ، فكلّما كان أقلّ كان احتمال الخطأ فيه أقل ، فحصل به الرجحان.
واعلم أنّ وجود العلّة إذا كان معلوما في أحد القياسين كان راجحا على الآخر ، لأنّ الّذي بعض مقدّماته معلوم راجح على ما كانت مقدّماته كلّها ظنّية.
__________________
(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧٥.