البحث الثالث : في الترجيح العائد إلى دلائل طريق العلّيّة في الأصل
قد عرفت فيما تقدّم أنّ الطريق الدالّ على علّية الوصف في الأصل قد يكون نقليا ، وقد يكون عقليا. والنقلي إمّا نص ، أو إيماء.
والنصّ قد لا يحتمل سوى العلّيّة ، مثل : لعلّه كذا ، وبسبب كذا ، ولموجب كذا وهو مقدّم على جميع الطرق ، لعدم الاحتمال فيه ووجوده في غيرها.
وأمّا الّذي يحتمل غير العلّيّة لكنّه ظاهر فيها فألفاظه ثلاثة : اللام ، وإنّ ، والباء.
واللّام مقدّم عليهما ، لظهوره في التعليل ، ولفظة «إنّ» قد ترد للتأكيد المحض. و «الباء» للإلصاق ، مثل : «كتبت بالقلم». وقد يفيد كونه محكوما به ، نحو أنا أقضي بالظاهر.
وفيه نظر ، فإنّ الإلصاق التقديري هنا ثابت ، وهو أولى من جعله مشتركا.
وإذا لم تأت «لا» للآلة ولا لكونه محكوما به ، فإنّها مرادفة للام لعدم الفرق بين قتله بجنايته ولجنايته ، وفي أولوية تقديم «الباء» على «أنّ» وبالعكس احتمال. وأمّا الإيماءات فتشتمل على مسائل :