فإن كان الأوّل فما أدّى إليه اجتهاده لا يجوز له مخالفته ولا التقليد فيه ؛ وإن لم يكن قد اجتهد ، فقد ذهب قوم إلى أنّه لا يجوز له اتّباع غيره.
وإن كان الثاني فإن كان عامّيا صرفا فقد اختلفوا في جواز التقليد له ، وكذلك اختلفوا فيما إذا بلغ دون رتبة الاجتهاد. والحق أنّ من لم يبلغ رتبته يجوز له التقليد.
وإذا تقرّر هذا فإن كان الاجتهاد متجزيا ظهر الفرق بين المفتي والمستفتي ، فإنّ كلّ من كان أعلم من غيره في مسألة فهو مفت بالنسبة إلى ذلك الغير والغير مستفت وإن لم يقل بالتجزية فالمفتي هو الّذي يكون من أهل الاجتهاد ، وأمّا ما فيه الاستفتاء فهو المسائل الاجتهادية من الشرعيات دون العقليات.
المطلب الثاني : في المفتي
وفيه مباحث :
البحث الأوّل : في أنّه هل يجوز خلو الزمان عن مجتهد أم لا؟
اختلف الناس في أنّه هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه؟
فمنع منه قوم كالحنابلة وغيرهم ، وجوّزه آخرون.