وإن كان المفتي مخطئا لحطّ ذلك الخطأ عنه فليجز مثله في مسائل الأصول.
وفيه نظر ، للفرق بين الخطأ في المسائل الأصولية والفرعية ، فإنّ الخطأ في الأولى يقتضي التكفير بخلافه في الثانية ، فساغ في الثانية ما لم يسغ في الأولى.
الرابع : النظر واجب ، لأنّه لمّا نزل قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١) الآية ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ويل لمن لاكها بين لحييه ولم يتفكّر فيها» (٢) توعّد على ترك النظر والتفكّر فيها. فيكون واجبا ، والتقليد ترك لهذا الواجب فيكون حراما.
الخامس : الإجماع على وجوب المعرفة وما يجب عليه ويمتنع. والتقليد ليس طريقا إلى المعرفة ، لأنّ تقليد من ليس بمعصوم لا يوجب العلم لجواز الكذب عليه ؛ ولأنّه لو أفاد التقليد العلم ، لزم اجتماع الضدين على تقدير تقليد من يعتقد الحدوث ومن يعتقد القدم ؛ ولأنّ العلم الحاصل عن التقليد ليس ضروريا لعدم الاشتراك ، ولا نظريا لعدم دليله.
احتجّ المخالف بوجوه (٣) :
الأوّل : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكلّف الأعرابي الجاهل بأكثر من تلفّظه بالشهادتين ، وكان يحكم بإيمانه باعتبار تلفّظه بهما ، وما ذلك إلّا للتقليد.
__________________
(١) البقرة : ١٦٤.
(٢) تخريج الأحاديث والآثار : ١ / ٢٦١ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٢٩.
(٣) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٩ ـ ٥٤٠ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٣٠.