الثاني : معلوم أنّ هذه العلوم إنّما تحصل بعد الممارسة الشديدة والبحث الطويل ، وأكثر الصحابة لم يمارسوا شيئا منها فيستند اعتقادهم إلى التقليد.
الثالث : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يسأل أحدا تلفظ بكلمة الشهادة هل علمت حدوث الأجسام أم لا؟ وهل علمت أنّه تعالى قادر أو لا؟ إلى غير ذلك من المسائل. فعلم أنّ حضور تلك المسائل غير معتبر في الإيمان لا تقليدا ولا علما.
الرابع : النظر غير واجب للنهي عنه في قوله تعالى : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) والنظر يفتح باب الجدال.
ولأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى الصحابة يتكلّمون في مسألة القدر فنهاهم عن الكلام فيها وقال : «إنّما هلك من كان قبلكم لخوضهم في هذا» (٢).
ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليكم بدين العجائز» (٣) والمراد ترك النظر ، فلو كان واجبا لم يكن منهيا عنه.
ولأنّه لم ينقل عن أحد من الصحابة الخوض في مسائل الكلام مطلقا ، ولو وجد ذلك منهم لنقل كما نقل عنهم النظر في المسائل الفقهية ، ولو كان واجبا لكانوا أولى بالمحافظة عليها.
__________________
(١) غافر : ٤.
(٢) الإحكام : ٤ / ٢٣٠. لم نعثر عليه في المصادر الحديثية.
(٣) البداية والنهاية : ١٢ / ١٨٩ ؛ تفسير الرازي : ٢ / ٩٥ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٣٠.