وجهه : انّ الحكم بلزوم تنفيذها حكم ضرري يلحق بأصحاب الديون فلا يكون نافذا ، أضف إلى ذلك انصراف عمومات الصلح والهبة وسائر العقود عن مثل هذه العقود. وعلى ذلك فلا داعي لتبنّي تغير الحكم الشرعي بالعنصرين. بل الحكم الشرعي السائر مع الزمان موجود في أصل الشرع بلا حاجة إلى التوسل بعنصر «فساد الزمان».
٢. في أصل المذهب الحنفي انّ الغاصب لا يضمن قيمة منافع المغصوب في مدة الغصب بل يضمن العين فقط إذا هلكت أو تعيّبت ، لأنّ المنافع عندهم ليست متقوّمة في ذاتها وإنّما تقوم بعقد الإجارة ولا عقد في الغصب.
ولكن المتأخرين من فقهاء المذهب الحنفي نظروا تجرّؤ الناس على الغصب وضعف الوازع الديني في نفوسهم ، فأفتوا بتضمين الغاصب أجرة المثل عن منافع المغصوب إذا كان المغصوب مال وقف أو مال يتيم أو معدا للاستغلال على خلاف الأصل القياسي في المذهب زجرا للناس عن العدوان لفساد الزمان.
ثمّ أضاف إليها في التعليقة بأنّ الأئمّة الثلاثة ذهبوا إلى عكس ما ذهب إليه الاجتهاد الحنفي ، فاعتبروا المنافع متقوّمة في ذاتها ، كالأعيان ، وأوجبوا تضمين الغاصب أجرة المثل عن المال المغصوب مدة الغصب ، سواء استعرض الغاصب منافعه أو عطّلها ثمّ قال : وهذا الاجتهاد أوجه وأصلح. (١)
__________________
(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٧ ، برقم ٥٤٤.