أقول : إنّ القول بعدم ضمان الغاصب المنافع المستوفاة مستند إلى ما تفرّد بنقله عروة بن الزبير عن عائشة أنّ رسول الله قضى أنّ الخراج بالضمان. (١)
فزعمت الحنفية انّ ضمان قيمة المغصوب لا يجتمع مع ضمان المنافع ، وذلك لأنّ ضمان العين في مقابل كون الخراج له ، ولكن الاجتهاد غير صحيح جدا ، لأنّ الحديث ناظر إلى البيوع الصحيحة ، مثلا : إذا اشترى عبدا أو غيره فيستغلّه زمانا ثمّ يعثر منه على عيب كان فيه عند البائع ، فله ردّ العين المبيعة وأخذ الثمن ، ويكون للمشتري ما استغله ، لأنّ المبيع لو تلف في يده لكان في ضمانه ولم يكن له على البائع شيء ، والباء في قوله بالضمان متعلّق بمحذوف تقديره : الخراج مستحق بالضمان ، أي في مقابلة الضمان ، أي منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري في مقابلة الضمان اللازم عليه بطرف المبيع.
هذا هو معنى الحديث ، وعليه شرّاح الحديث (٢) ولا صلة للحديث بغصب الغاصب مال الغير واستغلال منافعه.
والذي يفسّر الحديث وراء فهم الشرّاح انّ عروة بن الزبير نقل عن عائشة أنّ رجلا اشترى عبدا ، فاستغلّه ثمّ وجد به عيبا فردّه ، فقال : يا رسول
__________________
(١) مسند أحمد : ٦ / ٤٩ ؛ سنن الترمذي : ٣ ، كتاب البيوع برقم ١٢٨٦ ؛ سنن النسائي : ٧ / ٢٥٤ ، باب الخراج بالضمان.
(٢) لاحظ شرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي على سنن النسائي وغيره.