يلزم ضياع القرآن والدين ، فأفتوا بأخذ الأجرة على التعليم وكذا على الإمامة والأذان كذلك ، مع أنّ ذلك مخالف لما اتّفق عليه أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني من عدم جواز الاستئجار وأخذ الأجرة عليه كبقية الطاعات من الصوم والصلاة والحج وقراءة القرآن ونحو ذلك.
ب. قول الإمامين بعدم الاكتفاء بظاهر العدالة في الشهادة مع مخالفته لما نصّ عليه أبو حنيفة بناء على ما كان في زمنه من غلبة العدالة ، لأنّه كان في الزمن الذي شهد له رسول الله بالخيريّة ، وهما أدركا الزمن الذي فشا فيه الكذب ، وقد نصّ العلماء على أنّ هذا الاختلاف اختلاف عصر وأوان ، لا اختلاف حجّة وبرهان. (١)
ج. تحقّق الإكراه من غير السلطان مع مخالفته لقول الإمام «أبي حنيفة» بناء على ما كان في زمنه من أنّ غير السلطان لا يمكنه الإكراه ثمّ كثر الفساد فصار يتحقّق الإكراه من غيره ، فقال محمد (ابن الحسن الشيباني) باعتباره ، وأفتى به المتأخّرون لذلك.
وقد ساق الأمثلة على هذا النمط إلى آخر الرسالة.
__________________
(١) الظاهر انّه يريد بالإمامين تلميذي أبي حنيفة : أبا يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني ولم يكن الفارق الزمني بين الإمام أبي حنيفة وبينهما طويلا ، فقد توفّي أبو حنيفة عام ١٥٠ ه وتوفّي أبو يوسف عام ١٨٢ ه وتوفي الشيباني عام ١٨٩ ه. وإذا كان كذلك فلما ذا يعدّون القرون الثلاثة الأولى خير القرون ، والحقّ انّ بين السلف والخلف رجالا صالحين وأشخاصا طالحين ، ولم يكن السلف خيرا من الخلف ، ولا الخلف أكثر شرّا من السلف وإنّما هي دعايات فارغة فقد شهد القرن الأوّل وقعة الطفّ والحرّة في المدينة.