احتجّ المانعون بوجوه (١) :
الأوّل. من أجاز هذا التكليف ، إن جعل الاختيار ممّا تتم به المصلحة فهو محال لوجهين :
أحدهما : أنّه على هذا التقدير يسقط التكليف ، فإنّه إذا قيل له : إن اخترت فافعله وإن لم تختر فلا تفعله ، كان محض إباحة الفعل لا تكليفا. (٢)
واعترض بفرض الكلام في حكمين يجوز الخلو عنهما كالوجوب والتحريم.
ثانيهما. أنّ الإنسان لا ينفك من النقيضين فلا يجوز تكليفه بما لا يمكنه الانفكاك عنه ، بخلاف تخيير الكفّارات لتمكّنه من الانفكاك عنها أجمع.
وإن جعل الفعل مصلحة في نفسه ثمّ يختاره المكلّف ، استحال التفويض حينئذ لوجوه :
أوّلها. إمّا أن يجوز التفويض في الحوادث الكثيرة ، أو في حادثة وحادثتين.
والأوّل محال للعلم القطعي بامتناع حصول الإصابة دائما على سبيل الاتّفاق ؛ وكما لا يجوز أن يقال للأمّي : اكتب كتابا فإنّك لا تخط بيمينك إلّا ما
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٦.
(٢) في «ب» بزيادة : وانّه باطل.