أوّلا : لنفترض أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن نبيا ، ولا أفضل الخليقة ، ولم يصنع على عين الله تعالى ، فعلّمه من لدنه علما وآتاه الكتاب والحكمة ، أفلم يكن عربيا صميما قد ولد في أرض الحجاز ، وعاش بين ظهراني قومه وغيرهم في الحضر والبادية ، وتوالى سفره إلى الشام؟ أفيجهل إنسان عاش تلك الظروف مثل هذا الأمر ولم يقف على أنّ النخيل لا يثمر إلّا بالتلقيح؟ وهل أنّ هذا الموضوع كان من الخفاء بحيث يسأل ما يصنع هؤلاء؟! فيجيبونه بقولهم : إنّهم «يلقحونه»؟
ثانيا : كيف يمكن للنبي النهي عن التلقيح الذي هو سنّة من سنن الله أودعها في الطبيعة ، وقال سبحانه : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً)(١) ومع ذلك فكيف يقول : «ما أظن يغني ذلك شيئا»؟!
ثالثا : انّ الاعتذار الوارد في الرواية يسيء الظن بكل ما يخبر به عن الله بلسانه ويخرج من شفتيه ، والأسوأ من ذلك ما نسب إليه من الاعتذار بقوله : «وإذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به ، فإنّي لن أكذب على الله عزوجل» ، لأنّ فيه تلميحا إلى أنّه ـ والعياذ بالله ـ يكذب في مواضع أخر.
فلو كانت الرواية ونظائرها مصدرا للعقيدة ، فسيعقبها جهل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأبسط السنن الجارية في الحياة ، فهل يصح التفوّه بذلك؟!
٢. روى ابن هشام أنّ الحباب بن المنذر بن الجموح قال لرسول
__________________
(١) فاطر : ٤٣.