وهذه المحاولة من الوهن بمكان ، إذ كيف يصحّ للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخالف النص القرآني الصريح بغية استمالة قلوب المنافقين والمداهنة معهم ، وقد ندّد الله سبحانه بمثل هذا العمل وتوعد به وقال : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ... إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً). (١)
والحقّ انّ رواة هذا الحديث حاولوا تعظيم أمر الخليفة بما يمسّ كرامة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من حيث لا يشعرون ، وليس هذا بجديد ، فقد رووا في غير واحد ما يشبهه حيث نقلوا :
١. انّ الخليفة رأى ان تحجب نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزل القرآن بموافقته. (٢)
٢. رأى الخليفة أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلّى ، فنزل القرآن بموافقته. (٣)
وقد مرّ أنّ عمر رأى في أسارى بدر أن تضرب أعناقهم ، فنزل القرآن بموافقته ، ولعل من أبرز الدوافع إلى وضع تلك الروايات هو العاطفة الجامحة تجاه الخليفة والغلوّ في حقّه.
__________________
(١) الإسراء : ٧٣ ـ ٧٥.
(٢) الدر المنثور : ٦ / ٦٣٩.
(٣) الدر المنثور : ١ / ٢٩٠.