الثالث : كثرة الفروع ترجع إلى كثرة ما خلق الله تعالى من ذلك النوع ، وليس [ذلك] بأمر شرعي ، بخلاف كثرة الأصول.
والجواب عن الأوّل. إنّما لم يترجّح أعمّ الخطابين لاستلزامه طرح أخصّهما ، بخلاف العمل بأخصّهما. أمّا العلّة فإذا انتهى الأمر إلى الترجيح ، وترجيح إحداهما يوجب طرح الأخرى ، فكان طرح ما تقلّ فائدته أولى.
وعن الثاني والثالث. ما تقدّم.
[الصورة] الثالثة : العلّة المثبتة للحكم في كلّ الفروع راجحة على المثبتة في بعضها ، لأنّ الدال على الحكم في كلّ الفروع يجري مجرى الأدلّة الكثيرة ، لأنّ العلّة تعود على كلّ منهما ، ولأنّ دلالته على ثبوت الحكم في كلّ واحد من تلك الفروع يقتضي ثبوته في البواقي ، إذ لا قائل بالفرق ، فهذه العلّة العامة قائمة مقام الأدلّة الكثيرة. وأمّا العلّة الخاصّة بالصورة الواحدة فهي دليل واحد فقط ، فكان الأوّل أولى.
وفيه نظر ، فإنّ الترجيح بكثرة الأدلة إنّما هو مع اتحاد المحل ، نعم وجه الترجيح هنا كثرة الفائدة.
وأمّا الراجع إلى الأصل والفرع معا فهو أن تكون العلّة يردّ بها الفرع إلى ما هو من جنسه والأخرى يردّ بها الفرع إلى خلاف جنسه ، كقياس الحنفي الحلي على التبر أولى من قياسه على سائر الأموال ، لأنّ الاتّحاد من حيث الجنسية ثابت بينهما.