كالنفس النباتيّة ، وفاعلة بالطبع أيضا ، ومن جهة تعلّقها ببعض آخر منها كالقلب نوعا من التعلّق كالنفس الحيوانيّة ، وفاعلة بالإرادة ، ومن جهة ذاتها بذاتها نفسا مجرّدة فاعلة بالإرادة أيضا ، كما أنّها من جهة تعلّقها ببعض أجزاء بدنها كالدماغ نوعا من التعلّق مدركة للجزئيات ، ومن جهة ذاتها بذاتها مدركة للكلّيات ، فإنّ أمر النفس عجب عجاب والله أعلم بالصواب.
ومن هذا تبيّن أنّ نظر المحقّق الطوسي رحمهالله إلى الوحدة بالذات وأنّ إلزامه على الإمام الرازي وارد.
وأمّا قول صدر الأفاضل : «وإن كان هناك فساد صورة سابقة وتكوّن صورة لا حقة ، فكيف انجرّ تكامل الاستعداد إلى الفساد. والفطرة حاكمة بأنّ التوجّه إلى الكمال ينافي الفساد والاضمحلال».
فهو إن كان ناظرا إلى تقدير وحدة تلك النفوس بالذات واختلافها في الآثار كما هو المستفاد من كلام المحقّق الطوسي والشيخ وغيرهما ، فلا يخفى أنّه غير وارد ، فإنّ هؤلاء لا يقولون بذلك ، بل إنّهم يقولون بتكامل استعداد تلك النفس الواحدة وتزايد كمالاتها بحسب مراتبها من غير فساد نفس وتكوّن نفس اخرى. وعليه ينبغي أن يحمل قول المحقّق الطوسي : «وظاهر أنّ كلّ ما يتأخّر يصدر عنه مثل ما يصدر عن المتقدّم وزيادة.»
وكذلك لو كان ذلك ناظرا إلى تقدير تعدّدها بالذات ، فإنّهم وإن قالوا بتكوّن نفس لا حقة لكنّهم لم يقولوا بفساد النفس السابقة ، بل إنّ ظاهر كلامهم أنّهم قالوا باجتماع تلك النفس اللاحقة مع السابقة في الوجود وترتّب الآثار حيث قالوا بأنّ فينا نفوسا متعدّدة ، كما نقل صدر الأفاضل نفسه عنهم في كلامه المنقول عنه آنفا.
وأمّا قوله : «فقوّة واحدة لمادّة واحدة لا تفعل فعلين متناقضين».
فهو إن كان من تتمّة السابق ، وكان مراده أنّ القوّة الواحدة لا تفعل فعلين متناقضين ، أي التوجّه إلى الكمال والفساد ، فجوابه قد ظهر ممّا ذكرنا ، وإن كان إيرادا آخر على تقدير وحدة النفس بالذات ، وكان مراده أنّ النفس الواحدة لا تفعل الفعل النباتي والحيواني والنطقي ، فهو أيضا غير وارد ، إذ هذه الأفعال غير متناقضة ، بل يجتمع بعضها مع بعض في الوجود ، وتعدّدها لا ينافي وحدة فاعلها بالذات ، إذ فاعلها مع وحدتها بالذات مختلفة