أو مركّبا ، لا سبيل إلى الأوّل لما ثبت أنّ النفس غير منطبعة في شيء.
لا يقال : الثابت بالدلائل السابقة أنّها ليست قوّة حالّة في الجسم ، وهذا لا يستلزم أنّها لا تكون حالّة في شيء أصلا ، لم لا يجوز أن تكون حالّة في مفارق؟
لأنّا نقول : قيام النفس بالذات من الضروريات لا يمكن منعه ، ولو كان مركّبا فإمّا من بسائط كلّها غير حالّة ، أو يكون شيء فيها حالّا كالصورة والآخر محلّا كالهيولى. وأيّا ما كان يوجد بسيط غير حالّ ، والبسيط الغير الحالّ ليس بقابل للفساد ، فلا تكون النفس قابلة للفساد. والاعتراض أنّا لا نسلّم أنّه إذا وجد بسيط يلزم أن لا تكون النفس قابلة للفساد ، وإنّما يلزم كذلك لو كان البسيط الغير الحالّ هو النفس وليس كذلك ، بل المفروض أنّه جزء النفس. وغاية ما في الباب أنّ جزء النفس لا يقبل الفساد ، ولا يلزم منه أن لا تقبل الفساد لجواز انعدام الجزء الآخر.
لا يقال : نحن نقول من الابتداء النفس لا بدّ أن تكون بسيطا غير حالّ ، وإلّا لكان حالّا أو مركّبا وهما باطلان ، أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فلأنّه يلزم وجود بسيط غير حالّ من أجزائه ، فيكون قائما بذاته مجرّدا عن جسم وجسمانيّ ، عاقلا لذاته ولغيره ، متعلّقا بالبدن ، فهو النفس وقد كان جزء النفس ؛ هذا خلف.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّه يلزم من كونه بسيطا غير حالّ ، أن يكون قائما بذاته ، لم لا يجوز أنّ يكون كالهيولى لا يقوم إلّا بما يحلّ فيه ، وحينئذ لا يلزم أن يكون نفسا. ـ انتهى كلامه رحمهالله. (١)
وقد سبقه الإمام الرازي بناء على ما فهمه من كلام الشيخ في الإيراد على هذا الدليل ، واعترض عليه اعتراضات ، كما نقله المحقّق الطوسي رحمهالله.
الأوّل : أنّه لو كان للنفس هيولى وصورة مخالفتان لهيولى الأجسام وصورها ، وكان الباقي منها هيولاها وحدها ، لما كان الباقي من النفس هو النفس ، بل جزءا منها ، وحينئذ يجوز أن لا يكون كمالاتها الذاتية باقية لأنّها تابعة لصورتها.
الثاني : أنّ النفس تحت مقولة الجوهر ، فهي مركبّة من جنس وفصل ، والجنس والفصل إذا اخذا بشرط التجرّد ، كانا مادّة وصورة ، فالنفس عندهم مركبّة من مادّة وصورة. وذلك
__________________
(١) المحاكمات ؛ راجع هامش شرح الاشارات ٣ : ٢٨٦.