وبالجملة فما ذكره هذان العلمان في ذيل كلام الشيخ في الإشارات كأنّه مبنيّ على غفلة عن كلامه في الشفاء ، وأنّ توجيه كلامه في الإشارات ينبغي أن يكون مطابقا لما ذكره في الشفاء ، لا بما ذكره المحقّق الطوسي وأورد عليه صاحب المحاكمات النظر كما نقلناه وهما (رحمهماالله) أعلم.
ثمّ إنّ المحقّق الطوسي رحمهالله كما نقلنا كلامه ، قرّر دليل الشيخ في الإشارات على هذا المطلب هكذا : هذا ابتداء احتجاجه على بقاء النفس ويريد بالأصل كلّ بسيط غير حالّ في شيء من شأنه أن يوجد فيه الأعراض والصور ، وأن يزول عنه تلك الأعراض والصور وهو باق في الحالتين فهو أصل بالقياس إليها.
ثمّ بيّن مغايرة فعل البقاء لقوّة الفساد كما نقلنا عنه.
ثمّ ادّعى أنّهما لأمرين مختلفين.
ثمّ قال فالنفس إن كان أصلا فلن يكون مركّبا من قوّة قابلة للفساد مقارنة لقوّة الثبات. (١) وإن لم يكن أصلا ـ أي لم يكن بسيطا غير حالّ ـ كان إمّا مركّبا وإما حالّا ، والثاني باطل لما مرّ والمركّب يكون مركّبا من بسائط غير حالّة ، إمّا بعضها كالمادّة من الجسم وإمّا كلّها ، وعلى التقديرين فالبسيط الغير الحالّ موجود في المركّب ، وهو غير مركّب من قوّة الفساد ووجود الثبات.
ثمّ قال في قول الشيخ : «وإذا كان كذلك لم يكن أمثال هذه في أنفسها قابلة للفساد بعد وجوبها بعللها وثباتها بها» هكذا : أي إذا ثبت أنّ لنفس إمّا أصل وإمّا ذات أصل ، لم تكن هي وما يجري مجراها ممّا لا تركيب فيه ، ولا هو بحالّ في غيره ممّا يقبل الفساد ، فإنّ البقاء وقوّة الفساد لا يجتمعان في البسيط والأوّل حاصل ، فالثاني ليس بحاصل ، فإذن النفس لا يمكن أن تفسد وإنّما قال بعد وجوبها بعللها وثباتها بها لأنّ أصل الوجود وبقاءه يكونان في ممكنات الوجود مستفادين من عللها ـ انتهى. (٢)
ثمّ أورد صاحب المحاكمات على هذا الدليل بناء على هذا التقرير ، وقال في قول المحقّق الطوسي : «والنفس إن كان أصلا ـ إلى آخره ـ : لا يخلو إمّا أن يكون النفس بسيطا غير حالّ فلا يمكن قبوله الفساد لاستدعاء قبول الفساد التركيب ، وإمّا أن تكون حالّا
__________________
(١) لوجود الثبات (خ ل).
(٢) شرح الإشارات ٣ : ٢٨٥ ـ ٢٨٩.