وقوله : «بل إنّما كان مع هيئة مخصوصة موجودة قبل حدوث النفس ، محلّا لإمكان وتهيّؤ لحدوث صورة إنسانيّة تقارنه وتقوّمه نوعا محصّلا ، ولم يكن وجود تلك الصورة ممكنا إلّا مع ما هو مبدؤها القريب بالذات ، أعني النفس فحدث بحسب استعداده وتهيّئه ذلك مبدأ الصورة المقارنة المقوّمة إيّاه على وجه كان ذلك المبدأ مرتبطا به هذا النوع من الارتباط ، وزال بذلك الحدوث ذلك الإمكان والتهيّؤ عن البدن ، إذ زال عنه ما كان البدن محلّا لإمكان حدوث النفس ، أعني الهيئة المخصوصة».
كأنّه أراد أن يبيّن به أنّ البدن ، وإن لم يمكن أن يكون محلّا لإمكان حدوث النفس ووجودها ، ولا لإمكان فسادها عنه ، من حيث إنّ النفس مباينة الذات والقوام عنه ، إلّا أنّ البدن يمكن أن يكون محلّا لذلك من حيث هي مرتبطة به نوع ارتباط ، وبينهما علاقة خاصّة ، أي محلّا لذلك من حيث هي مرتبطة به نوع ارتباط ، وبينهما علاقة خاصّة ، أي محلّا لإمكان حدوث النفس ووجودها ، ولا لإمكان فسادها عنه ، من حيث إنّ النفس مباينة الذات والقوام عنه ، إلّا أنّ البدن يمكن أن يكون محلّا لإمكان حدوث تعلّقها به ، ولإمكان فساد تعلّقها عنه ، لكن حدوث التعلّق هنا مستلزم لحدوث ذات النفس ووجودها ، بخلاف فساد التعلّق ، فإنّه غير مستلزم لفساد ذات النفس.
فبيّن أوّلا كيفيّة كون البدن محلّا لإمكان تعلّق النفس به ، حيث يكون محلّا أوّلا وبالذات لإمكان حدوث ما هو متعلّق القوام به ، أي الصورة النوعية الإنسانيّة ، وثانيا وبالعرض لإمكان تعلّق النفس التي هي المبدأ القريب لتلك الصورة ، فقال : بل إنّما كان مع هيئة مخصوصة ـ إلى آخره ـ وحاصله : أنّه إنّما كان البدن أي مادّة الأجزاء الأخلاطيّة مع هيئتها المخصوصة وصورتها الأخلاطية الموجودة قبل حدوث النفس محلّا لإمكان وتهيّؤ لحدوث صورة إنسانيّة متعلّقة القوام به ، تقارنه وتقوّمه نوعا محصّلا ، ولم يكن وجود تلك الصورة فيه ممكنا إلّا مع ما هو مبدؤها القريب بالذات ، بل الحافظ لمزاج البدن أيضا أعني النفس ، فكانت المادّة البدنيّة الأخلاطية بإعداد تلك الهيئة التي هي العلّة المعدّة لها مستعدّة أوّلا وبالذات لحدوث صورة إنسانيّة فيها ، وثانيا وبالعرض لحدوث نفس تكون هي علّة قريبة لتلك الصورة الإنسانية ، فحصل بحسب استعداد البدن وتهيّئه تلك الصورة الإنسانيّة فيه. وكذا النفس التي هي المبدأ القريب لها ، وزالت أيضا تلك الهيئة