توجيهه بما قرّرنا الجواب عن الاعتراض كما سبق ذكره ، لأمكن أن يكون له وجه ، لكنّه لا يكون وجها آخر من الجواب كما هو ظاهر كلامه.
وأمّا لو حمل على ما هو ظاهر كلامه ، فهو طريق آخر غير ذلك ، وفيه شيء ، حيث إنّه مع ابتنائه على الحركة في الجوهر ، وعلى أنّ صور المراتب البدنيّة باقية بعينها كلّ سابقة في مرتبة لاحقتها ، وفيهما ما لا يخفى.
مبناه على ما ذكره أخيرا بقوله : فإذا بلغت النفس الإنسانيّة في استكمالها وتوجّهاتها إلى مقام العقل ، واتّحدت بالعقل الفعّال بعد أن كانت عقلا منفعلا ، اطلقت عن المادة والحدثان ، وتجرّدت عن القوّة والإمكان ، وصارت باقية ببقاء الله سبحانه من غير تغيير وفقدان ، ويوافقه في ذلك ما نقلنا عنه في الشواهد الربوبيّة.
وهذا هو ما ذكره سابقا في قوله : فإذا ترقّت وتحوّلت من عالم الخلق إلى عالم الأمر ـ إلى آخره ـ وقد عرفت ما فيه.
وبالجملة ما ذكره رحمهالله ممّا يعسر علينا دركه وفهمه ، وعسى أن يفهمه غيرنا وهو رحمهالله أعلم.
وحيث بيّنا كيفيّة فناء بدن الإنسان ، وأقمنا الدليل النقلي والعقلي على بقاء نفسه الناطقة ، وانتهى الكلام إلى هذا المقام ، وخرجنا بالإطناب عمّا هو المرام ، فلنعد إلى ما كنّا بصدده من بيان حال الأجزاء المخصوصة من هذه النشأة الدنيويّة في إمكان البقاء وعدمه