فتأمّل. ـ انتهى كلامه.» (١)
وأيضا في قول الشارح المذكور : «لا استحالة في عدم التميّز بينهما عند العقل ، إذ ربما يلتبس على العقل ما هو متميّز في نفس الأمر» كلام لا يخفى ، فتأمّل.
ثمّ إنّك بعد ما أحطت خبرا بما حقّقناه وفصّلناه ، ظهر لك أنّ الحجّة الثالثة التي نقلها الفاضل الأحساوي عن القائلين بامتناع الإعادة ، ليست هي حجّة اخرى ، بل هي مع الحجّة الاولى التي نقلها عنهم حجّة واحدة تقريرها ما ذكرنا ، وأنّه لا يرد عليها شيء ممّا أورده على تينك الحجّتين بناء على ما فهمه ، فتدبّر.
نعم الحجّة الثانية التي نقلها عنهم حجّة اخرى لهم على ذلك ، وسيأتي تقريرها على وجه لا يرد عليه أيضا ما أورده ، فانتظر.
وهذا الذي ذكرناه كلّه إنّما ذكرناه في مقام تحرير الدليل الأوّل الذي ذكره الشيخ في الشفاء على بطلان قول من يقول إنّ المعدوم يعاد.
وأمّا الكلام في تحرير الدليل الثاني الذي ذكره بقوله : «وعلى أنّ المعدوم إذا اعيد احتيج إلى أن يعاد جميع الخواصّ التي بها كان هو ما هو ، ومن خواصّه وقته ، فإذا اعيد وقته كان المعدوم غير معاد ، لأنّ المعاد هو الذي يوجد في وقت ثان.» فهو أن يقال :
لا يخفى أنّ المعدوم إذا اعيد بعينه كما هو المفروض ، احتيج إلى أن يعاد جميع الخواصّ والمشخّصات التي بها كان المعدوم هو ما هو ، أي متشخّصا وإلّا لم يكن معادا بعينه ، أي بشخصه كما هو المفروض.
ولا يخفى أيضا أنّا سواء قلنا إنّ العوارض المشخّصة هي المشخّصة بالحقيقة كما هو مذهب فريق منهم ، أو إنّ المشخّص بالحقيقة هو نحو من الوجود الخاصّ ، وأنّ تلك العوارض لوازم له وأمارات عليه كما هو مذهب الفارابي وهو الحقّ ، يكون الوقت من جملة تلك المشخّصات بدليل أنّا إذا صنعنا مثلا من طين مخصوص كوزا مخصوصا على مقدار مخصوص ، وهيئة وشكل مخصوصين ، بقالب خاصّ ، ثمّ كسرناه وهدمناه ، فصنعنا من ذلك الطين المخصوص بعينه من غير أن ينقص منه جزء أرضي أو مائي ، أو يزيد عليه بذلك القالب الخاصّ كوزا آخر على ذلك المقدار والشكل والهيئة ، وبالجملة بحيث يكون
__________________
(١) راجع هامش شرح التجريد : ٧٩.