قال : في قول الشارح القوشجي : «والجواب أنّه لا معنى لتخلّل العدم ـ إلى آخره ـ» (١) بهذه العبارة :
معنى تخلّل العدم بين الشيء ونفسه أن يكون عدمه مسبوقا وسابقا لشيء واحد بعينه بالسبق الزماني ، فإنّه إذا جاز الإعادة يكون «ألف» سابقا على عدمه وهو بعينه مسبوق بذلك العدم ، وهو محال ، لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه بالزمان ، وهو محال بالبديهة ، بحذاء الدور ، فإنّه محال لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه بالذات.
ومن هاهنا تبيّن ما في قوله : «إنّ التخلّل بحسب الحقيقة إنّما هو لزمان العدم بين زماني وجوده بعينه» فإن تخلّل زمان العدم بين زماني وجود شيء واحد بعينه يستلزم تخلّل العدم بين شيء واحد بعينه ، بأن يكون ذلك الشيء سابقا على ذلك العدم وهو بعينه مسبوق به.
فإن قيل : لا نسلّم لزومه ، بل يلزم تخلّل العدم بين وجودي شيء واحد بعينه.
فالجواب أنّ اختلاف الوجود يستلزم اختلاف الذات بديهة ، فإنّا نعلم قطعا أنّ الشيء الواحد لا يكون له وجودان خارجيّان ، فإنّ الوجود الخاصّ لكلّ شيء هو عينه في الخارج ، وإن كان غيره بحسب الاعتبار ، إذ نسبة الوجود إلى الماهيّة ، ليست نسبة العوارض التي يجوز تبدّلها واختلافها مع انحفاظ وحدة الذات ، إذ لا وحدة لها إلّا باعتبار الوجود.
ثمّ على تقدير جواز ذلك لا فرق بين الماهيّة والوجود في جواز الإعادة.
قال الشيخ في التعليقات : ولم لا يكون الوجود نفسه معادا ويكون الوقت أيضا معادا ، فيكون الحدوث أيضا معادا فيكون ليس هناك وجودان ولا وقتان ولا حدوثان اثنان ، بل واحد بعينه معاد ، ثمّ كيف يكون العود ولا اثنينيّة ، وكيف يكون اثنينيّة ويجوز أن يكون المعاد بعينه هو الأوّل.
ثمّ قول من يريد أن يهرب عن هذا منهم (٢) ويقول الوجود صفة ، والصفة لا توصف ولا تعقل ، وليست بشيء ولا موجودة ، وأنّ الوقت أو بعض الأشياء لا يحتمل الإعادة وبعضها يحتمل ، حتّى لا يلزمه أن فرض الإعادة للمعدوم قد يجعل المعاد غير معاد ،
__________________
(١) شرح التجريد : ٧٣.
(٢) ينهم (خ ل). النهم المبالغة في الجدّ في طلب الشيء.