ويجوز أن يكون ما هو معاد ليس له حالتان أصلا ، قول ملفّق يفضحه البحث المحصّل. هذا لفظه ولمّا كان الشيخ يدّعي بداهة المدّعى ، لم يبال بذكر بعض المقدمات التنبيهيّة في صورة المنع. ـ انتهى.» (١)
وقال أيضا في قول الشارح المذكور : «وأيضا لو تمّ هذا الدليل ـ إلى آخره ـ» : لا يخفى أنّ الذات مستمرّة في زمان البقاء ، فلا يلزم تخلّل الزمان بين الشيء ونفسه ، بل تخلّله بين الشيء باعتبار وقوعه في الزمان الأوّل ، وبينه باعتبار وقوعه في الزمان الثاني ، لأنّ السابق بالسبق الزماني ، واللاحق بذلك اللحوق ، إنّما هو الزمان بالذات والشيء مع حصوله في الزمانين بالواسطة لا نفس الذات من حيث هي ، لأنّها مستمرّة ، فتدبّر. ـ انتهى كلامه. (٢)
وأقول : ما ذكره في الحاشية الاولى أوّلا غنيّ عن البيان ، وهو بعض ما ذكرنا في تحرير الدليل.
وقوله : فإن قيل لا نسلّم لزومه ـ إلى آخره.
مراد القائل أنّه لا يلزم من ذلك تخلّل العدم بين شيء واحد بعينه ، بل إنّما يلزم منه تخلّله بين وجودي شيء واحد بعينه. ولا نسلّم اتّحاد الوجودين ، بل إنّهما مختلفان وحيث كانا مختلفين فيلزم منه تخلّل العدم بين شيئين ولا محذور فيه.
وهذا الإيراد وإن كان يمكن الجواب أيضا عنه بأن يقال : إنّه لو كان كذلك لمّا كان الموجود بالوجود ثانيا عين الموجود بالوجود أوّلا فلا يكون حينئذ إعادة معدوم أصلا ، فضلا عن أن يكون إعادة معدوم بعينه كما هو المفروض ؛ هذا خلف. لكنّه لم يلتفت إليه ظاهرا بل تعرّض لإثبات المقدّمة الممنوعة ، بحيث يمكن أن يفهم هذا الجواب أيضا عنه. وقال : فالجواب أنّ اختلاف الوجود يستلزم اختلاف الذات بديهة ، فإنّا نعلم قطعا أنّ الشيء الواحد لا يكون له وجودان خارجيان ، فأثبت المقدّمة بكونها من البديهيّات المعلومة.
وقال أيضا فإنّ الوجود الخاصّ لكلّ شيء ، هو عينه في الخارج ، وإن كان غيره بحسب الاعتبار ، وهذا إمّا من تتمّة السابق ، بأن يكون فيه أيضا إثبات تلك المقدّمة بطريق
__________________
(١) راجع هامش شرح التجريد : ٧٣.
(٢) راجع هامش شرح التجريد : ٧٣.