الإعادة لا يجعل المعاد غير معاد مطلقا ولو في صورة فرض إعادة الماهيّة وحدها من غير فرض إعادة الوجود والوقت والحدوث ، بل يجعله كذلك في بعض الفروض ، وهو فرض عود تلك المذكورات أيضا.
وقوله : «ويجوز أن يكون ما هو معاد ليس له حالتان أصلا».
كلمة «يجوز» إمّا بصيغة المضارع المجرّد وبالنصب عطفا على قوله : «يلزمه» ، أي حتّى لا يلزمه ذلك ، ولا يجوز أن يكون ما هو معاد بالفرض ليس له حالتان حتّى لا يصحّ فرض الإعادة ، بل يجوز أن يكون له حالتان وتفرض هناك اثنينيّة بها يصحّ فرض الإعادة.
وإمّا بصيغة المضارع المزيد فيه من باب التفعيل المبنيّ للفاعل وبالرفع ، عطفا على قوله : «قد يجعل» أي حتّى لا يلزمه أن فرض الإعادة قد يجعل المعاد غير معاد ، ويجوّز أي يكون منشأ لتجويز أن يكون ما هو معاد ليس له حالتان ، ولا يصحّ فيه فرض الإعادة ، فتدبّر.
وقوله : «قول ملفّق» هو خبر عن قوله : «ثمّ قول من يريد أن يهرب ـ إلى آخره ـ» أي أنّ ذلك القول قول ملفّق غير بيّن بنفسه ، ولا مبيّن ، بل هو مجرّد ادّعاء يفضحه البحث المحصّل ، حيث إنّ القول بأنّ الوجود صفة مطلقا باطل ، بل قسم منه عين الماهيّة في الخارج كما تبيّن ، كالقول بأنّ الصفة مطلقا لا توصف ولا تعقل ، فإنّ ذلك أيضا باطل كما لا يخفى ، فإنّ كثيرا من الصفات توصف وتعقل. أي تعقل وتوصف بشيء وعلى شيء ، بل إنّ كلّ الصفات حتّى الصفات العدميّة كذلك ، وكالقول بأنّ الصفة ليست بشيء ولا موجودة ، فإنّ هذا أيضا باطل ، وكيف لا تكون الصفة كذلك والحال أنّها صفة للموجودات ، وموصوفة بالصفات الثبوتيّة ، مع أنّه بالوجود يكون الشيء موجودا ، وكالقول بأنّ بعض الأشياء يحتمل الإعادة وبعضها لا يحتملها ، فإنّ ذلك أيضا مجرّد ادّعاء لا دليل عليه ، بل الدليل يدلّ على خلافه ، حيث إنّه لو جاز إعادة المعدوم لجاز إعادة كلّ معدوم.
وبالجملة فبطلان ما ادّعاه هذا المدّعي بيّن ينفسه لا يحتاج إلى بيان وبرهان ، وإنّما ذكرنا ما ذكرنا تنبيها على بطلانه.