ثمّ إنّ قول المحقّق الدواني : «ولما كان الشيخ يدّعي بداهة المدّعى لم يبال بذكر المقدمات التنبيهيّة في صورة المنع» كأنّه أراد ببعض المقدّمات قول الشيخ : ولم لا يكون الوجود نفسه معادا ـ إلى آخره ـ ، حيث أورده بصورة المنع وقد عرفت توجيهه سابقا.
وأمّا أنّ الشيخ يدعّي بداهة المدّعى ، فكأنّه فهمه من بعض كلماته في التعليقات ، وقد عرفت سابقا كلامه في الشفاء صريح في ادّعاء البداهة في ذلك.
وعلى هذا فيكون المقدّمة مقدّمة تنبيهيّة ، كما ادّعاه المحقّق المذكور.
وقد تمّ بما حقّقه في هذه الحاشية على ما ذكرنا بيانه ، جواب الاعتراض الأوّل الذي أورده الشارح القوشجي على دليل المحقّق الطوسي رحمهالله.
ثمّ إنّ ما ذكره في الحاشية الثانية التي نقلناها عنه بقوله : «لا يخفى أنّ الذات ـ إلى آخره ـ» ، جواب عن الاعتراض الثالث الذي أورده الشارح المذكور على المحقّق الطوسي.
وقوله فيها فلا يلزم تخلّل الزمان بين الشيء ونفسه كأنّه بظاهره موهم لأنّ تخلّل الزمان بمجرّده مطلقا سواء كان زمان الوجود أو زمان العدم مستلزم للمحال ، وأنّه لا يلزم هناك تخلّل الزمان بين الشيء ونفسه.
وهذا غير مستقيم فإنّك قد عرفت فيما حقّقناه سابقا أنّ تخلّل الزمان إنّما يستلزم المحال باعتبار ما هو كائن فيه. وقد اعترف المحشيّ نفسه بذلك في الحاشية السابقة ، حيث قال : فإنّ تخلّل زمان العدم بين زماني وجود شيء واحد بعينه يستلزم تخلّل العدم بين شيء واحد بعينه ، وقد عرفت أيضا فيما حقّقناه أنّ الواقع في الزمان المتخلّل لو كان هو العدم ، لكان مستلزما للمحال. ولا كذلك لو كان هو الوجود.
وقوله : «بل تخلّله بين الشيء باعتبار وقوعه في الزمان الأوّل ـ إلى آخره ـ» فيه أنّه لو كان محمولا على ظاهره لكان ذلك مشتركا بين صورتي تخلّل زمان العدم وزمان الوجود ، حيث إنّه في صورة تخلّل زمان العدم أيضا بين زماني وجوده بعينه يكون تخلّله بين الشيء باعتبار وقوعه في الزمان الأوّل وبينه باعتبار وقوعه في الزمان الثاني ، لأنّ السابق بالسبق الزماني واللاحق بذلك اللحوق ، إنّما هو الزمان بالذات ، والشيء مع حصوله في الزمانين بالواسطة كما أنّ سابقيّة العدم أو مسبوقيّته أيضا مع حصوله في زمان البين بواسطة زمان البين. ولا كلام في أنّ عروض التقدّم والتأخّر للزمان إنّما هو بالذات ،