أصلا بل لماهيّة هذا المعدوم المفروض الذي فرض وجوده وفرض طريان العدم على وجوده ، وطرأ عليه في الواقع فإنّه لا خفاء في أنّ الماهيّة الكذائيّة ماهيّة لزمها طريان العدم ، إذ هو لو لم يكن لازما لها ، لجاز انفكاكه عنها ولو جاز انفكاكه عنها ، لم تكن الماهيّة تلك الماهيّة المأخوذة المفروضة التي طرأ عليها العدم البتّة في الواقع ، بل تكون غيرها لا بحسب الفرض فقط ، بل بحسب الواقع ونفس الأمر أيضا ؛ هذا خلف.
ثمّ إنّ طريان العدم وإن كان مأخوذا مع تلك الماهيّة على أنّه وصف لازم لها لكنّا لم نأخذه على أنّه قيد لها حتّى يصير الملزوم هو الماهيّة بشرط وصف الطريان ، ويكون المعنى أنّ طريان العدم ممتنع الانفكاك عن تلك الماهيّة المأخوذة بشرط هذا الوصف ، أي بشرط أخذه على أنّه ممتنع الانفكاك عنها ، فإنّه على هذا يكون اللزوم ضروريّا غير قابل للنزاع.
وأيضا لا يكون اللازم لازما للماهيّة من حيث هي ، كما هو معنى ظاهر اللفظ ، بل لازما للماهيّة المأخوذة مع القيد ، ولا سيّما أنّ القيد هو نفس اللازم ، ومع ذلك فالسند على هذا لا يستلزم المنع ، ولا يصلح للسنديّة ، لأنّه حينئذ يكون معنى كلام المانع أنّ الحكم بامتناع العود يمكن أن يكون لأجل طريان العدم الذي هو لازم لماهيّة المعدوم التي اعتبر لزومه لها واخذ هو معها.
ويرد عليه أنّ هذا إنّما يستلزم المنع على هذا التقدير لا مطلقا كما هو المقصود.
نعم لو كان لازما لها مطلقا ، لكان يستلزم المنع مطلقا وإذ ليس فليس.
وبعبارة اخرى أنّ هذا اللزوم إنّما لزم من أخذك الماهيّة كذلك ، فإنّك لو أخذتها مطلقة غير معتبر كونها بشرط هذا اللازم لربما كان غير لازم لها ، فلا يلزم أن يكون الحكم بامتناع العود لأجل طريان العدم مطلقا كما هو المقصود ، بل إنّما يكون ذلك على هذا التقدير خاصّة.
فإن قلت : إنّا إنّما أخذنا الماهيّة كذلك ، لكونها في الواقع كذلك وكون اللازم ، لازما لها في الواقع كما مرّ بيانه.
قلنا : فحينئذ فأيّ (١) فائدة في أخذها كذلك ، واعتبار لزوم اللازم له على تقدير هذا
__________________
(١) فأيّة (خ ل).