يرجع الحكم بامتناع أنفسهما أو إمكانهما إلى الحكم بامتناع اتّصاف تلك الذات بهما أو إمكان اتّصافها بهما.
ومعنى ذلك القول أنّ الأشياء المتوافقة في الماهيّة يجب اشتراكها في اقتضاء الذات الواحدة إيّاها من حيث كون تلك الأشياء متوافقة في الماهيّة وعدم كونها مختلفة بوجه ، لا من حيث كونها مختلفة أيضا ولو بحسب أمر خارج. على أنّ وحدة الذات من جميع الجهات فيما نحن بصدده غير مسلّمة ، فانّك قد عرفت ممّا ذكر لك من التقريرين (١) لسند المنع أنّه كما أنّ الوجود المعاد باعتبار تقيّده بطريان العدم وكونه معتبرا في مفهومه مخالف للوجود المبتدأ باعتبار عدم تقيّده به ، كذلك ذات المعدوم المفروض باعتبار ذلك القيد اللازم له مغاير لنفسه باعتبار عدم تقيّده به وعدم لزومه له. فكما أنّ الوجودان مختلفان ، كذلك الذات مختلفة ولو بالاعتبار ، وكما أنّ الذات الواحدة من جميع الوجوه يجوز اختلاف اقتضائها بالنسبة إلى صفتين مختلفين ولو بالاعتبار ، كذلك الذات الواحدة بالذات المختلفة بالاعتبار يجوز اختلاف اقتضائها لصفة واحدة غير مختلفة ولو بالاعتبار.
والحاصل أنّ منشأ الاختلاف في الحكم يجوز أن يكون اختلافا في المحمول ، وكذا اختلافا في الموضوع ، وأحدهما كاف فيه ، فكيف بالمجموع ، وأنّه يجوز اختلاف الاقتضاء حينئذ سواء اسند إلى الموضوع أو إلى المحمول.
فيظهر ممّا ذكرنا ورود إيراد الشارح على القائل ، وعدم اندفاعه عنه بتغيير التعليل. وهذا الذي ذكرنا هو مع قطع النظر عمّا أورده عليه المحشّي الشيرازي على تقدير تغيير التعليل المذكور كما سيأتي بيانه.
ثمّ إنّ قول المحقّق الدواني : «والحاصل أنّ الاختلاف سواء اعتبر في الموضوع أو في المحمول وحكم باختلافهما في الإمكان والامتناع ، يجري في الحادث ، إلّا أن ظاهر عبارته أشبه بالابتناء على الوجه الأخير.» معناه أنّ الاختلاف سواء في الموضوع أي الذات أو الشيء أو المعدوم كما هو مبنى التقرير الأوّل لسند المنع أو في المحمول ، أي الوجود كما هو على التقرير الثاني له وحكم باختلاف وحكم باختلاف الموضوع
__________________
(١) في التقريرين (خ ل).