سواء قرّر بالتقرير الأوّل أو الثاني ، حيث أورد الشبهة عليه بحيث تجري على التقريرين وأبطل بها سند منعه على ما فهمه من كلام المانع من أنّه ادّعى أنّ المعدوم بعد طريان العدم أو اتّصافه بالوجود بعد طريان العدم ، ممتنع امتناعا ذاتيّا وأنّه ليس هذا الامتناع إلّا لأجل الاقتران بالزمان.
ولا يخفى أنّ المحقّق المذكور أيضا سلّم ذلك من القائل كما دلّ عليه كلامه في مقام إيراده على الشارح بأنّ كلامه لا يحسم مادّة الشبهة ، فحيث كان هو بصدد حسم مادّة تلك الشبهة عن المانع ، كان في مقام معاضدة المانع ، فينبغي أن يكون حسمها بحيث يكون مع إبطال ما ذكره القائل ممّا لا يضرّ المانع بوجه. وهذا ليس كذلك فإنّه يهدم بنيان ما ذكره المانع أيضا ، لأنّه إذا لم يمكن فرض الامتناع الذاتي فيما هو مقترن بالزمان ، فكيف يدّعي المانع الامتناع الذاتي فيما ادّعاه. وهو أيضا نظير ما ادّعاه القائل في الفرض المذكور ، فهما في البطلان أو الصحّة سواء. وما الوجه في الفرق بينهما بتجويز أحدهما وإبطال الآخر ، بل ليس إيراد القائل إلّا مبنيّا على أنّه إذا صحّ فرض الامتناع الذاتي في المعدوم بعد طريان العدم ، والحال أنّه ليس ذلك إلّا لأجل الاقتران بالزمان ، لصحّ الإلزام الذي ذكره ، وأنّه إذا لم يصحّ ذلك فكما يبطل به الإلزام المذكور يبطل به ما ادّعاه المانع أيضا ، لكنّه أورد الإلزام على أحد التقديرين ، وسكن عن التقدير الآخر. ولا يخفى عليك أنّ إيرادنا بالوجه الأوّل ، وإن امكن دفعه عن المحقّق الدواني ، بأنّه لعلّه كان في مقام حسم الشبهة بصدد الاكتفاء والاختصار ، فأبطل فرض الوجوب الذاتي في الحادث بحيث يمكن أن يعلم منه بطلان فرض الامتناع الذاتي فيه أيضا بالمقايسة ، فلا ضير فيه أو أنّ غرضه كما فهمه المحشّي الشيرازي منه ، وسيأتي بيانه أنّ المحذور اللازم ، إنّما هو الوجوب الذاتي في الحوادث وغنائها عن المحدث لا الانقلاب. فلذا تعرّض لإبطال الوجوب الذاتي ولم يتعرّض لإبطال فرض الامتناع الذاتي إلّا أنّ الإيراد بالوجه الثاني ممّا لا يمكن دفعه عنه ، بل هو وارد عليه ، ويعلم منه أن حسم مادّة الشبهة عن المانع لا يمكن بالوجه الذي ذكره أصلا ، بل ينبغي أن يصار إلى ما ذكرناه سابقا ، ووجّهنا به كلام الشارح ، من أنّ غرض المانع وإن كان امتناع عود المعدوم امتناعا ذاتيّا ، لكنّه ليس للزمان مدخل في ذلك بوجه ، بل إنّما المدخل في ذلك لذلك القيد أي لقيد طريان العدم الذي هو لازم لماهيّة المعدوم وداخل في