غير المشخّصة أيضا فهو إنّما كان في الدليل على مدّعاهم ، لا في أصل الدعوى ، كما أشرنا إليه في كلام الشيخ في الشفاء والتعليقات : من أنّ غرضهم أنّه لو جاز إعادة المعدوم بعينه ومع مشخّصاته ، لجاز عوده مع جميع حالاته وصفاته وأعراضه ولو كانت غير مشخّصة أيضا ، إذ لا فرق في ذلك بين العوارض المشخّصة وغير المشخّصة ، وأنّه حينئذ يلزم المحال كما مرّ بيانه.
وكيف يمكن لهم أخذ العوارض غير المشخّصة في الدعوى ، والحال أنّه على تقدير أخذهم ذلك ، وكون مرادهم أنّه لا يجوز عود المعدوم بجميع عوارضه المشخّصة وغير المشخّصة ، إن كان مرادهم كما هو مبنى هذا التحقيق ، أنّ العود بجميع العوارض مطلقا محال ، وأمّا عوده بجميع عوارضه المشخّصة فقط فليس بمحال ، لورد عليهم أنفسهم ما أوردوه على تقدير جواز عوده بجميع المشخّصات من المحالات المتقدّمة ذكرها ، وهل هذا إلّا تناقض؟
ثمّ إنّه حيث ظهر أن مدّعى القائلين بامتناع العود ، امتناع عود المعدوم بجميع عوارضه المشخّصة ، فيكون مدّعى القائلين بجوازه كما ذكره في التحقيق المذكور أي جواز عوده بجميع عوارضه المشخّصة ، مقابلا لمدّعى القائلين بالامتناع ، ويكون النزاع بين الفريقين معنويّا لا لفظيّا لا طائل تحته كما ذكره.
وحيث دلّ دليل القائلين بالامتناع على بطلان ذلك ، يكون ما ادّعاه المجوّزون باطلا. والحاصل أنّه إن كان مراد المجوّزين ما ذكره ، لورد عليهم المحال ، كما أنّه لو كان مرادهم أعمّ من ذلك أي جواز عود المعدوم بجميع عوارضه مشخّصة كانت أم غير مشخّصة ورد عليهم أشنع المحال. وعلى كلا التقديرين ، فيكون نزاعهم مع الأوّلين في ذلك معنويّا لا لفظيّا ، فتدبّر.
وهذا آخر ما أردنا إيراده في هذا المقام الذي كان المقصود فيه إقامة الدليل على امتناع عود المعدوم ، وإبطال ما ذكره المجوّزون له دليلا على التجويز.
وحيث فرغنا بعون الله وحسن تأييده من تحقيق الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه ، وكأنّه من خواصّ هذه الرسالة وتمّ ما رمنا إيراده في المقدّمة ، فلنرجع إلى ما كنّا بصدده وهو الغرض الأصلي من وضع الرسالة.