الفاضل الأحساوي ، حيث ذكر أنّه حقّق آخرون هذه الدعوى ، فقالوا : إنّ المعدوم لا يعاد مع جميع عوارضه ، فلعلّ أحدا لا يخالفه ، فإنّ بعض من جوّز إعادته ذهب إلى أنّ بعض العوارض لا مدخل له في هويّة الشخص كالقدر المعيّن والوقت المعيّن والوضع المعيّن وأمثال هذه. وقد صرّحوا بأنّ الشخص بعد البعث يكون على وصف آخر ، فيرتفع النزاع من البين ، وصحّ دعواهم تجويز العود ، مع بعض العوارض ودعوى منعه لأنّ المراد بجميع العوارض.
ثمّ ذكر أنّ هذا صلح بين الفريقين ، ورفع للنزاع الواقع بين القوم في منع إعادة المعدوم وجوازه ، فإنّ القائل بمنعه إنّما منعه على تقدير أخذ جميع العوارض والمشخّصات معه ، ومن المعلوم أنّ إعادته على هذا النوع من الإعادة ممتنع ، والقائل بجوازه إنّما جوّزه على تقدير أخذه من حيث الهويّة الذاتيّة وإن اختلفت العوارض ، فيرتفع النزاع من البين وهو ظاهر ، فإنّ من منع إعادة المعدوم مطلقا يكون مخالفا لمقتضى البديهة ، وكذلك من جوّزه بجميع أحواله وعوارضه ، إذ العقل الصريح يمنعه ، لاستحالة إعادة الأعراض والصفات والعوارض اللاحقة الاعتباريّة ، بل والصفات الحقيقيّة ، فالنزاع بين الفريقين حينئذ لا طائل تحته ، لأنّه نزاع لا محصول له.
كأنّ فيه نظرا وتأمّلا ، لأنّ هذا الصلح المبنيّ على هذا التحقيق الذي ملخّصه أنّ مراد القائلين بامتناع العود ، امتناع عود المعدوم مع جميع عوارضه مشخّصة كانت أم غير مشخّصة ، وأنّ مراد القائلين بجوازه ، جواز عوده مع بعض العوارض ، أي العوارض المشخّصة ، إنّما يصحّ إذا تراضى الخصمان به ، وكان كلامهم ممّا لا يأبى عن الحمل عليه ، وكان على تقدير الحمل لا يرد عليه محذور ، والظاهر أنّه ليس كذلك فإنّه لا سترة في أنّ مراد القائلين بامتناعه ، امتناع عود المعدوم بعينه كما هو المصرّح به فيما نقلنا من كلام المحقّق الطوسي وغيره. سواء كان كلامهم في امتناع عود المعدوم بالمرّة بعينه أو في امتناع عود المعدوم من وجه من ذلك الوجه الذي عدم بعينه.
ولا سترة أيضا في أنّ معنى امتناع عود المعدوم بعينه ، امتناع عوده بشخصه وبجميع عوارضه المشخّصة فقط ، لا بجميع عوارضه مطلقا ولو كانت غير مشخّصة ، التي قد تتبدّل وتتغيّر مع بقاء الشخص بحاله بعينه كالكمّ والوضع وأمثالهما ، وأمّا أخذهم العوارض