الابتدائي كانت حاصلة في أزمنة غير متناهية ، ولا امتناع فيه لكون العالم قديما ، ولا مانع من وجود أزمنة غير متناهية فيما مضى يتحقّق فيها أسباب غير متناهية متسلسلة ، وأمّا هي حين العود لو عادت فتتوقّف على عود تلك الأزمنة غير المتناهية أيضا حتّى يتحقّق هي فيها ، وهو محال ، لأنّا نعلم بالضرورة أن ليس تعود في حال العود تلك الأزمنة غير المتناهية ، وأن ليس هنا أزمنة غير متناهية ، بل ليس إلّا زمان واحد عرفي أو أزمنة متناهية ، فذلك الوجه يرجع إلى أنّ عود الزمان محال ، فعلى هذا فلا يكون هذا الوجه وجها آخر مغايرا لما تقدّم إلّا في أنّ ما تقدّم كان مبنيّا على امتناع عود الزمان مطلقا ، وهذا مبنيّ على أنّه يمتنع عود الزمان غير المتناهي ، فتدبّر.
وأمّا ما ذكره ذلك المحقّق في منع لزوم إعادة جميع الأسباب ، بقوله : لجواز أن يعود بأسباب اخر متناهية فقط ، فهو إن كان مبنيّا على هذا المذهب القائل بتوقّف وجود الحادث على أسباب غير متناهيّة ، كما هو ظاهر سياق كلامه ، فيرد عليه أنّه على هذا المذهب ، كيف يمكن أن يقال بتوقّف وجود الحادث على أسباب متناهية ، مع كونه مخالفا لهذا المذهب ، وكأنّ هذا الإيراد هو منظور المحشّي الشيرازي ، حيث قال : إنّ السند ليس بشيء ، لما تقرّر عندهم أنّ العلّة التامّة للحادث لا بدّ أن تشتمل على امور غير متناهية متعاقبة وإلّا يلزم التخلّف عن العلّة التامّة ؛ هذا خلف. وإن كان مبنيّا على أنّ هذا الوجه إنّما يصحّ على مذهب من يقول بالتوقّف على امور غير متناهيّة ، وأمّا على مذهب من لا يقول به فلا يصحّ ، لأنّ له أن يقول : يجوز أن يعود بأسباب اخر متناهية فقط ، ولا امتناع فيه ، فله وجه. ويرجع إلى ما ذكرنا ، إلّا أنّ سياق كلامه كأنّه يأبى عنه.
وأمّا ما ذكره بقوله : «أو بها منضمة إلى تلك الأسباب السابقة المتسلسلة» ، فيرد عليه أنّ تلك الأسباب السابقة المتسلسلة حتّى السبب الأخير القريب لوجود الحادث لمّا فرضت معدومة بأجمعها ، لم يكن لها دخل في وجود ذلك ثانيا ، إذ ليست هي موجودة حينه ، إلّا أن يقال بجواز عودها ، وهو باطل كما ذكره ، فبقي أن يكون السبب في وجودها ثانيا هو تلك الأسباب المتناهية فقط ، وقد عرفت حاله ، فيظهر منه أنّ انضمام الثانية إلى الاولى لا يجدي نفعا ، فتدبّر.
وحيث تحقّقت ضعف حجج القائلين بجواز إعادة المعدوم ، فاعلم أنّ ما نقلناه عن