إلى النفس ولا بالنسبة إلى البدن ولا بالنسبة إلى التعلّق بينهما ، حتّى يكون ممتنعا ، وكذا ليس فيه خلق شخص آخر ، مغاير للأوّل ذاتا ، حتّى يلزم أن يكون محلّ الثواب والعقاب ، غير ما هو محلّ فعل الطاعة والمعصية ، ويكون ظلما ممتنعا على الله تعالى ، بل إنّ الشخص المعاد يوم القيامة ، هو بعينه الشخص الموجود في الدنيا نفسا من جهة ذاتها الباقية ، وكذا بدنا من جهة المادّة وأجزائه الأصليّة الباقية ، وإن كان مغايرا له باعتبار الأجزاء الفضليّة الفرعيّة والصورة.
وحيث تلخّص لك في مقدّمة الرسالة ما ذكرنا فحريّ بنا الآن أن نزيدك بيانا لهذا ، وإن ما ذكرناه من معنى المعاد لا مخالفة فيه للعقل والنقل بوجه ، وأن نقيم الدليل العقلي على أنّ المعاد ينبغي أن يكون واقعا على هذا الوجه الذي دلّ عليه الشرع ، لا على وجه آخر.
ثمّ إنّه حيث توقّف بيان ما ذكرناه في المقدّمة من أن ليس المعاد روحانيّا فقط كما زعمه بعض الحكماء على بيان حدوث النفس بحدوث البدن ، على ما بيّناه هنالك ، وتوقّف ما ذكرناه فيها من بقاء النفس بعد قطع تعلّقها عن البدن على بيان تجرّدها عن المادّة في ذاتها كما بيّناه أيضا هنالك ، وتوقّف بيان ما نريد بيانه هنا على بيان كيفيّة تعلّقها بالبدن واحتياجها إليه في أفعالها وكيفيّة انتفاعها بقواها وحواسّها كما ستعرفه.
وبالجملة حيث توقّف تنقيح ما رمنا تنقيحه على القدر الضروري هنا من بيان صفاتها وحالاتها وخواصّها وأفعالها وإدراكاتها ، بل على القدر الضروري هنا من معرفة إنيّة النفس وماهيّتها وحقيقتها في الجملة أيضا فلنقدّم ذكر ذلك ، ثمّ نتبعه بذكر ما هو المقصود ، ولنبيّن هذه المطالب في أبواب.