(وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ). (١)
إلى غير ذلك من الآيات.
وأمّا ما يدلّ صريحا على إنكارهم معاد خصوص النفس فلم نظفر به في الكتاب الكريم ، ولعلّ وجهه ـ والله أعلم ـ مع الإشارة إلى أنّ إنكارهم معاد الإنسان كما دلّت عليه آيات كثيرة يدلّ على إنكارهم معاد النفس أيضا ، فإنّ الإنسان كما عرفت عبارة عن مجموع البدن والنفس ، ولا إنكار لأحد في وجود النفس مع البدن أو فيه ، فإنكار معاد الإنسان متضمّن لإنكار معاد البدن والنفس جميعا ، وإنّ إنكار معاد البدن وحده كاف في الإنكار للمعاد الضروري في الدين القويم.
الإشارة (٢) إلى أنّهم اعتقدوا أنّ النفس جسم في البدن أو معه ، كما هو مذهب بعض الحكماء ، من أنّها جرم لطيف سار في البدن أو جسمانيّ عرض فيه كالمزاج على ما هو المنقول من مذهب بعض المنكرين له من الحكماء الطبيعيّين ، وقد عرفت بيان ذلك ممّا نقلنا من كلام الفاضل الأحساوي وصدر الأفاضل. وبالجملة فالنفس أيضا تنعدم بانعدام البدن ، فلا يمكن إعادة شيء منهما ، فلذا قالوا تارة بامتناع إعادة البدن بعد خرابه وصيرورته عظاما ورفاتا ، وتارة بامتناع إعادة الإنسان لأجل امتناع إعادة البدن بعد خرابه في زعمهم ، وتارة بامتناع إعادة الإنسان مطلقا كما نطقت بذلك الآيات المتقدّمة ، فإنّ منشأ هذه العقائد واحد. فتنبّه لهذه الدقيقة.
__________________
(١) الواقعة : ٤٧.
(٢) خبر لعلّ.